، بحزن شآم كلّما قلت قد ونى |
|
سنا ، والقواري الخضر في اللّيل جنّح (١) |
فأضحى له جلب بأكناف شرمة |
|
أجشّ سماكيّ من الوبل أفضح (٢) |
وأبان مذكور في قول امرىء القيس [في «معلّقته» من الطّويل] :
كأنّ أبانا في عرانين وبله |
|
كبير أناس في بجاد مزمّل (٣) |
فيظهر أنّ شرمة المذكورة في هذين الشّعرين هي هذه ؛ لأنّ امرأ القيس حضرميّ ، وقد ذكر أبانا وهو إلى جانب شرمة (٤).
وأبانان : جبلان لبني تميم بن دارم بن مرّ (٥).
__________________
الأفيح : الواسع. والمعنى : أرقت لهذا البرق الّذي بيني وبينه تلك العقبات والمسافات الواسعة.
(١) ونى : ضعف. السّنا : ضوء البرق. القواري ـ جمع قارية ـ وهي : طير قصير الرّجل ، طويل المنقار ، أخضر الظّهر ، يحبّه الأعراب كثيرا. جنّح : كاسرة أجنحتها ، مقبلة كاللّاجىء الواقع.
وفي المخطوط : (والضرار) بدل : (والقواري).
(٢) الجلب : السحاب. أكناف : نواصي. أجشّ : في صوته غلظ. سماكيّ : مطر بنوء السّماك ، وهذا على معتقدات أهل الجاهليّة الباطلة ، وهو منهيّ عنه. الوبل : المطر. أفضح : أبيض.
(٣) أبان : اسم جبل. عرانين وبله : أوائل مطره. البجاد : كساء مخطّط من أكسية الأعراب. مزمّل : ملفوف. وللبيت روايات أخرى غير هذه. والله أعلم.
(٤) من الملاحظ أن المؤلف يكثر من التدليل على حضرمية امرىء القيس بذكره لأسماء مواضع متعددة توجد ب (حضرموت) ، والحال أنه يوجد مثل لها في نجد ، حيث نشأ وعاش ، وهذا الأمر يحتاج إلى تحقيق وإعادة نظر ، ولا يمكننا التسرع ورمي المؤلف بالخطأ ؛ إذ لو لا وجود مواضع ب (حضرموت) في شعر امرىء القيس ك (دمّون) ، وصيلع ـ وهي مواضع شهيرة ، ومعروفة إلى اليوم ب (حضرموت) .. لما كان للمؤلف وهو من هو في العلم والتثبت والاطلاع أن يميل إلى هذا الرأي.
(٥) علق العلامة الجاسر ـ رحمه الله ـ على هذا بقوله : (شرمة الوارد في هذه الأشعار : في نجد ، غرب بلاد القصيم بقرب أبانين ، الجبلين اللذين لا يزالان معروفين هناك. ولا صلة لهما بالقارتين اللتين قال عنهما : إنهما لبني تميم بن دارم بن مر. وهنا خطأ ، فتميم هو ابن مر ، ودارم من فروع بني تميم. والقول بأن أبانا الوارد في شعر امرىء القيس هو في حضرموت لأن امرأ القيس حضرمي.
هذا القول غير صحيح. فامرؤ القيس عاش في نجد ، وأكثر المواضع التي يذكرها في هذه البلاد لا في حضرموت) اه