وفي شرقيّ شرمة ، قارتان متقابلتان ، تقرب منهما عين عذبة ، بينهما خور صغير (١). يقال له : خور يضغط (٢) ، ترسو به السّفن الّتي تهرّب المسافرين ـ من المكلّا والشّحر ـ الّذين لم يسمح لهم بركوب البحر من سواحل القعيطيّ إلى سيحوت والسّواحل الإفريقيّة ، وعمّال القعيطيّ بتلك النّواحي يغضّون الطّرف عنهم مساعدة للإنسانيّة (٣).
ومن وراء ذلك : قصيعر (٤) ، وهي قرية لا بأس بها ، كانت تحت حكم آل عبد الودود ، وآخر أمرائهم بها : جعفر بن عليّ.
ومثلها الرّيدة الّتي تليها.
وفي قصيعر كثير من المشايخ آل باعبّاد ، من أواخرهم : الشّيخ عبد الله ابن خالد ، أحد تلاميذ سيّدنا الأبرّ عيدروس بن عمر ، توفّي بها (٥).
وقد سألت المكرّم الأمير محمّد بن عبد الله بن أحمد بن محمّد بن عبد الودود عن كيفيّة خروج الرّيدة وقصيعر عن حكمهم .. فقال : (في سنة «١٢٩٤ ه» جهّز القعيطيّ سبع سفائن ، في كلّ سفينة مئة عسكريّ بعتادهم ، ولم يكن منّا أحد بقصيعر ، فأخذوها صفوا (٦) ، ولمّا سمعنا بعزمهم إلى الرّيدة .. تحمّلنا إلى بلاد
__________________
(١) الخور : المكان المنخفض بين جبلين.
(٢) خور يضغط : خور صغير على شاطىء البحر العربيّ ، بالقرب من رأس شرمة ، تربض عليه قرية تتبع مركز الدّيس الحامي ، من مديريّة الشّحر ، وسكّانه من الثّعين.
(٣) كان هذا إبّان ناءت المجاعة بكلكلها على حضرموت أثناء تصنيف هذا الكتاب.
(٤) تبعد قصيعر عن الشّحر مسافة (٦٧ كم) في شرقيّها.
(٥) بعد سنة (١٣٤٤ ه). واسمه ـ أي ابن خالد ـ تامّا : عبد الله بن محمّد بن أحمد بن عبود بن خالد بن عليّ بن أبي بكر بن عليّ بن محمّد ابن الشّيخ الحسين بن عليّ بن عبد الله بن عقيل باعبّاد ، وفي رسالة له من مفتي قعطبة الشيخ عبد الله بن أحمد المسدس باعباد مؤرخة في (١٣٤٤ ه) يطلب مفتي قعطبة المذكور الإجازة من ابن خالد ، ويصفه فيها ب (الشّيخ الإمام المكين ، العارف بالله ورسوله ..) إلخ ، ويطلب منه أن يرسل له ما يوجد من المعلومات لديه عن أصل باعبّاد ؛ إذ كان ينوي أن يجمع كتابا عن سيرهم وأخبارهم.
(٦) صفوا : في سهولة ويسر.