متى جرس نحله ذلك الزّهر ، أمّا الّذي لا يجرسه ـ كالّذي يعسل في أيّام الصّيف ـ فإنّه لا يكون إلّا رديئا للغاية ، ولو من جردان ، ويسمّونه : المريّة ، فتحصّل أنّ العسل لا يتفاوت إلّا من هذه النّاحية.
وبلاد جردان من أقدم بلاد حضرموت ، ومنها كان قيس بن سلمة المرّانيّ الجعفيّ ، له صحبة ووفادة على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وقد ولّاه على بني مرّان بن جعفي بجردان وأعمالها ، وعلى حريم بن جعفي ، وكتب له : «من محمّد رسول الله لقيس بن سلمة بن شراحيل .. إنّي استعملتك على مرّان ومواليها ، وحريم ومواليها ، من أقام الصّلاة وآتى الزّكاة وصدّق ماله وصفّاه» (١).
ومرّان وحريم أخوان ، أبوهما جعفيّ ، ضاربين في جردان ووادي عمد ، قال في «التّاج» : (وهم من الصّدف ، وقد دخل حريم في نسب حضرموت على ما صرّح به الدّار قطنيّ وغيره من أئمّة النّسب ، وذكروا لدخولهم أسبابا ليس هذا محلّ ذكرها).
وفي ذكر الضّليعة عن ابن الحائك أنّ : (ريدة العباد وريدة الحرميّة للأحروم من بني الصّدف) (٢) ، والأحروم هو حريم الصّدفيّ.
قال في «القاموس» : (وولد الصّدف حريما ، ويدعى بالأحروم ، وجذاما ويدعى بالأجذوم) اه ، وهما بالضّمّ.
ومن ولد الأحروم بن جعفيّ هذا محمّد بن حمران الجعفيّ ، أحد السّبعة المحمّدين الّذين تسمّوا في الجاهليّة بمحمّد (٣) ، وكان بينه وبين امرىء القيس مهاجاة ومنافسات معروفة (٤) اقتضتها المزاحمة مع قرب الدّيار ؛ إذ هذا في (عمد) وذاك
__________________
(١) ذكره ابن سعد في «الطّبقات الكبرى» (١ / ٣٢٥).
(٢) صفة جزيرة العرب (١٧٠).
(٣) ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى أسماء من تسمّوا في الجاهليّة بمحمّد طمعا في النبوّة فقال : (وقد جمعت أسماء من تسمّى بذلك في جزء مفرد ، فبلغوا نحو العشرين ، لكن مع تكرّر في بعضهم ، ووهم في البعض) ، ثم عدّ منهم ستة عشر رجلا. انظر «فتح الباري» (٦ / ٥٥٦ ـ ٥٥٧).
(٤) ومحمّد بن حمران هذا يلقّب بالشويعر ، والّذي لقّبه بذلك امرؤ القيس.