عليّ بن سالم بن أحمد ، له شعر وأدب وحرص على الفوائد ، وهو على قضاء حريضة الآن.
وفي غربيّ حريضة كثير من الآثار القديمة ، وقد أسفر الحفر في الوقت الأخير في آثار حريضة عن بيوت مطمورة تحت الأرض ، فيها معابد للقمر ، لا تخلو عن آثار قيّمة ، ربّما كان للحافر عنها غرض في الإخفاء.
وحول معبد إله القمر الّذي ظهر هناك كثير من المباخر (١) ، وعلى بعض الحجارة كتابات قديمة ترجع إلى أكثر من ألفي سنة ، وفي بعضها ما ترجمته : (يا لبان .. يا كوكبان .. بلّغ الإله السّلام) ، والجزء الأوّل من هذه الجملة مشهور بكثرة على ألسنة العامّة بحضرموت (٢) ، ورجوع عهد الكتابة إلى أكثر من ألفي سنة يعرّف أنّ لمثله اتّصالا بأديان الحضارم القديمة ، وكثير من آل حضرموت كانوا يعبدون الشّمس ويسمّونها (الإلاهة) ، وفيها يقول الأعشى [من المتقارب] :
فلم أذكر الرّهب حتّى انفتلت |
|
قبيل الإلاهة منها قريبا |
ويريد بالإلاهة : الشمس.
__________________
(١) المباخر ـ جمع مبخرة ـ وهي : الآلة الّتي تستعمل للتّبخير ، وقد تسمّى : مجمرة.
(٢) المتردّد على ألسنة العامّة اليوم في كثير من بلدان حضرموت عندما يضعون اللّبان البدويّ (الكوكباني) في المباخر أن يكرّروا قولة : يا لبان يا كوكبان اطرد إبليس الشيطان. وهي عبارة قد تكون لها دلالتها التاريخية كما ذكر المصنف رحمه الله تعالى.
تنبيه : قد يسرح فكر البعض عند قراءتهم لمثل هذا الكلام ، فيعمدون إلى منع النّاس من هذه العبارة ، ويشنّون حملات وغارات على النّاس ، بسبب أنّ هذه العبارة لها تعلّق بشيء وثنيّ وغير ذلك ، وينسجون حول هذا الكثير والكثير من القصص والتّرّهات.
والأولى أن يقال في معنى قولهم : يا لبان يا كوكبان .. إلخ أنه للتفاؤل والفرح بطرد الرّوائح الكريهة من المنازل ؛ لأنّ الجنّ والشّياطين يأنسون للرّوائح الكريهة .. بينما الملائكة تتأذّى منه بنو آدم».
فليس في هذه الكلمات نداء لغير الله ، ولا شرك به ، والتّأويل في مثل هذه المواضع واجب ، وإذا لم نؤوّل للعامّة .. أوقعناهم في الشّرك والكفر ، ومن كفّر مسلما .. فقد كفر.