بامسدوس مرّتين ، في كلتيهما يصلونهم نارا حامية ، فيتراجعون بعد أن قتل منهم في الهجمتين أكثر من العشرين بدون أن تراق من آل بامسدوس محجمة من الدّم (١).
فما زالوا بحامية ـ قارة صغيرة هناك (٢) ـ حتّى أرضوهم بما شاؤوا من الدّراهم ، فسلّموها لهم ، فانكشفت بطاح آل بامسدوس حينئذ لمدافع العسكر القعيطيّ ، فطلبوا مساعدة ماليّة من محمّد بن عمر باعقيل ؛ لشراء الذّخيرة حتّى يتمكّنوا من مواصلة الحرب ، وكان مثريا .. إلّا أنّه لئيم ، فلم يعطهم قليلا ولا كثيرا ، فتوسّط السّيّد عمر بن طاهر بن عمر الحدّاد والشّيخ محمّد بن بو بكر باسودان ، وذمّوا إليهم باعقيل ، وزيّنوا لهم تسليمه ، ومحالفة القعيطيّ إزاء ما يرضيهم من النّقود ، ففعلوا ، وعندها وصلوا بباعقيل مصفودا في القيود إلى مصنعة عوره.
قال السيّد حسين بن حامد المحضار :
سلام منّي عالمناصب والدّول |
|
خصّ المقدّم والمسمّى باعقيل |
يومه مطرّد من جبل لمّا جبل |
|
ما قايس أنّا با نردّه بالصّميل (٣) |
فأجابه أحد الدّيّن بما لا أذكره .. ثمّ قال السّيّد حسين :
حيّا بكم يالّي قضيتوا شغبكم |
|
بالسّيف والقوّه وصرّات الخزين (٤) |
ما الدّيّني شلّ الحموله مثقله |
|
كنّه طرحها بعد ذلك يا هوين (٥) |
فأجابه أحمد بن عبيد بن مسلّم بن ماضي بقوله :
لو لا قروشك لي معك قدّمتها |
|
جيشك رجع مكسور يا سيّد حسين |
__________________
(١) المحجمة : القارورة الّتي يحتجم بها.
(٢) حامية : قرية صغيرة ، هي اليوم من أعمال محافظة شبوة في وادي ميفعة ، وتقع بقربها بلدة رضوم.
(٣) الصّميل : العصا في لغة أهل حضرموت ، ويقال لها عند العرب : هراوة.
(٤) شغبكم : شغلكم (عامية). الخزين : بإمالة الزاي ـ أي : نطقها بين الفتح والكسر ـ والمقصود بصرات الخزين : الصّرر ـ جمع صرّة ـ وهي ما يوكأ من الدراهم ـ فصيحة ـ والخزين بمعنى الخزائن في الفصحى ـ جمع خزانة.
أي : قضيتم شغلكم بالسيف والمال.
(٥) يا هوين : كلمة بمعنى : أهون بك ، تقال في لهجة حضرموت العامية ، وأصلها في الفصحى : يا هويناه ، الأمر المطلوب بسهولة ويسر. ـ