درجة الشّيخ باسودان يشهد لهذا بشأن جليل ومقام عظيم.
الثّانية : أنّ الحبيب عبد الله بن حسين يقول الحقّ ، فلا يحابي (١) ولا يوارب (٢).
الثّالثة : أنّ انقباض الحبيب محمّد بن حسين جار على ما يقتضيه الطّبع البشريّ عند مثله ، فهو غير ملوم في ذلك ، مع الاستكانة والاعتراف بالحقّ وعدم المكابرة فيه.
الرّابعة : لو لا تهذيب الحبيب عبد الله بن حسين لتلاميذه بهذا التّهذيب .. لما انتهى العلّامة السّيّد محمّد بن حسين وأمثاله إلى ما انتهى إليه من العلم والفضل.
الخامسة : أنّ الحقّ رائد القوم ، والإنصاف قطب رحاهم ، ونقطة بيكارهم ، رضوان الله عليهم.
وقد سمعت من والدي وغيره عن الأجلّاء الثّقات : أنّ الشّيخ محمّد باسودان كان أوسع من أبيه في الفقه ، وفتاويه شاهد عدل على ذلك.
وأخبرني الشّيخ محمّد بن سالم باسودان أنّ بعض العلويّين وردوا على الشّيخ عبد الله وسألوه عن ابنه محمّد .. فقال لهم : لا بأس به ، فاستثقلها ونذر الاعتكاف سبع سنين لدرس العلم في جامع الخريبة ، ووفّى بذلك ، فبحقّ يجيء فيه ما قاله الشّريف الرّضيّ في تسمّته لأبيه [في «ديوانه» ٢ / ٢١ من الطّويل] :
جرى ما جرى قبلي وها أنا خلفه |
|
أغذّ لإدراك المعالي وأوجف |
ولو لا مراعاة الأبوّة .. جزته |
|
ولكن لغير العجز ما أتوقّف |
ولكنّ هذا لم يتوقّف عنه بل جازه ، ولم يبق له من علم إلّا حازه ، توفّي (٣) بالخريبة في سنة (١٢٨١ ه) وبيتهم بيت علم وشرف ، وقد وزر الشّيخ بو بكر بن
__________________
(١) حابى فلان فلانا : مال إليه.
(٢) يوارب : يخاتل ويخادع.
(٣) أي : الشّيخ محمّد ، وكان مولده سنة (١٢٠٦ ه) ، ترجمته في «تاريخ الشّعراء» ، وذكره الحبيب عيدروس في «العقد» ضمن ترجمة والده.