يزيّن حظّه من الإحسان حلاوة اللّسان. وطه ، وهو رجل فاضل ، مستوي السّرّ والعلن ، كريم الأخلاق ، خفيف الرّوح ، عظمت الرّزيّة بموته في حدود سنة (١٣٦٤ ه) ؛ إذ بقي موضعه فراغا ، لم يسدّه أحد من إخوانه.
وعلى الجملة : فحالة المحاضير بالقويرة مشكورة ، ومجالسهم معمورة ، وعلّهم على وئام في المعنى كما هم في الصّورة.
وأوّل من نجع من حبّان إلى دوعن : السّيّد محمّد بن طالب (١) ، فتصوّف على يد الإمام عمر بن عبد الرّحمن البارّ ، وسكن الرّشيد ، ثمّ سار إلى عينات ، وابتنى بها دارا ومسجدا ، ثمّ جاء أيضا ولده علويّ (٢) وتزوّج بالرّشيد.
وكان أهل القويرة في قرن الحمار من قلّة الماء ، ولآل القرين من آل البار وغيرهم عيون ماء في الجبل الّذي بجنوب القويرة ، فساومهم وأغلى السّيّد حسين بن حامد في بعضها ، ولمّا امتنعوا .. أجراها إلى القويرة بقوّة السّلطان.
ثمّ سار إلى عند آل البار بالقرين للتّرضية ، وأرضى جلّ الملّاك بمثل القيمة أو بأكثر .. فرضي أغلبهم وبقيت خمسة من أربعة وعشرين أصرّ أهلها على الامتناع إلى اليوم.
وبلغني أنّ السّيّد عبد الله بن هادون بن أحمد المحضار كان يتنزّه عن ذلك الماء لقوّة ورعه ، وإلّا .. فإنّ للفاضل السّيّد حسين بن حامد مندوحة فيما صنع ؛ فلقد بنى ابن الخطّاب المسجد الحرام بمكّة في سنة (١٧ ه) وهدّم على قوم أبوا أن يبيعوا ، ووضع أثمان دورهم في بيت المال حتّى أخذوها.
وزاد عثمان في المسجد الحرام نفسه في سنة (٢٦ ه) وابتاع دورا من قوم ، وأبى آخرون .. فهدّم بيوتهم وأدخلها في المسجد ، ووضع الأثمان في بيت المال .. فصاحوا بعثمان ، فحبسهم وقال : قد فعل عمر بكم مثله .. فلم تصيحوا! فكلّمه فيهم عبد الله بن خالد بن أسيد .. فأطلقهم.
__________________
(١) توفّي السّيّد محمّد بن طالب بمسقط ، في طريقه إلى مرباط لزيارة جدّه الإمام محمّد صاحب مرباط ، فحمل إليها ودفن بها.
(٢) توفي السيد علوي هذا في الطريق بين حبان وحضرموت ، حيث كان متوجها إلى حضرموت.