انتهى به الحال إلى أنّ رجلا استماحه إزاره (١) ، فقال له : سأضعه على الجدار عند دخولي الميضأة ، فاذهب به ، ومتى أحسست بعدك .. زعمت لأولادي أنّه سرق ؛ حتّى يدبّروا لي سواه من دون عتاب ولا تثريب.
تعوّد بسط الكفّ حتّى لو أنّه |
|
ثناها لقبض لم تطعه أنامله (٢) |
وما كان ولده حامد (٣) ليعاتبه على مثل ذلك ؛ إذ لم يكن إلّا قرّة عين وسرور فؤاد.
وله شعر بديع ، أحبّ من بسمات الرّضيع ، وترسّل عذب ، كأنّما هو سقيط الطّلّ واللّؤلؤ الرّطب ، وقد رثيته في حياته سنة (١٣٥٢ ه) ؛ ليسمع ما يقال عنه بعد الموت اليوم بإذنه ، بقصيدة توجد بمحلّها من «الدّيوان» [خ ١٥٠] ، ومستهلّها هذا [من الكامل] :
مهلا عدمتك من نعيّ جارح |
|
فلقد ملأت محاجري وجوانحي |
وهو اليوم يخنق التّسعين .. أطال الله بقاه ، ورزقنا في عافية لقاه.
ومن ذرّيّته : القانت الأوّاب الصّادع بالحقّ ، الّذي لا يخاف لومة لائم عبد الله بن هادون بن أحمد المحضار (٤) ، طلب العلم بمصر ، وكان من أراكين التّقوى ، وإليه يرجع أهل ذلك الطّرف في الفتوى ، توفّي بالقويرة في سنة (١٣٥٨ ه) ، وله أولاد كرام ، منهم :
صالح : يتّفق مع اسمه مسمّاه. ومحمّد ، رجل شهم يصدّقه نبل ، ملأ ثوبه ،
__________________
(١) استماحه : طلب منه ، وفعله : ميح.
(٢) البيت من الطّويل ، وهو لأبي تمّام في «ديوانه» (٢ / ١٤) ، باختلاف بسيط.
(٣) السّيّد حامد بن مصطفى ، ولد بالقويرة سنة (١٣١٨ ه) ، وتوفّي في حادث سيّارة مروّع في (٩) جمادى الأولى (١٣٩١ ه).
(٤) الحبيب عبد الله باهادون (١٣٥٨ ه) ، ترجمه السّيّد أبو بكر الحبشي في «الدّليل» ، توفّي في ربيع الأوّل سنة (١٣٥٨ ه) ، وأرّخها الحدّاد في (١٣٥٩ ه) ، وقال : (توفّي عن سنّ عالية) ، وحدّدها صاحب «الدّليل» ب (٨١) سنة ، وجعل مولده سنة (١٢٧٧ ه).