فعنّ له أن يذهب إلى الفجير على نحو تسعة أميال من الحوطة ودون الميل من سيئون ، وكره أن يزعج أهل الفجير بالقرع ، فعمد لجذع طويل ألفاه هناك ، فتسلّق عليه منزل زوجته ابنة السّيّد شيخ بن أبي بكر مولى خيله ، ولمّا قضى وطره منها .. عنّ له أن يذهب إلى سيئون ، فحمل الجذع وتسوّر به على بيت امرأته الأخرى بسيئون ـ وهي أمّ السّيّدين : إبراهيم وموسى آل الحبشيّ ـ ولمّا أخذ مأربه منها .. ردّ الجذع إلى موضعه بالفجير ، ثمّ سرى ، ولمّا كان بالغرفة .. دخل جامعها وتطهّر وتهجّد ما شاء ، ثمّ سرى إلى الحوطة ، فلمّا وصلها .. عرف أنّه نسي مفتاح الدّار بجامع الغرفة ، فرجع أدراجه وأخذه من الميضأة ، وسار إلى الحوطة ، ولم يصلها إلّا بعد مطلع الفجر.
ومن نوادره : أنّ زوجته الّتي بسيئون هي بنت عمّه ، واسمها : شيخة بنت محمد الحدّاد ، وكان كلّما زارها .. وجد عندها ابنيها إبراهيم وموسى ابني عمر بن شيخ بن هاشم بن محمّد بن أحمد الحبشيّ .. فلم يتمكّن من الخلوة بها ، حتّى جاشت نفسه ذات يوم ، فقال :
خيره في العشق لي |
|
فيه النّكد والنّغص |
حلّيت في حصن لكن |
|
فيه جملة لصص |
خليّ خلي لي ول |
|
كنّه شرد وافتحص |
جفل كما الصيد لا |
|
قد شاف همزة مقص (١) |
ولو معي قرش باقنص |
|
مثل من قد قنص |
وكان وجد منها فرصة ، ولمّا جلس بين شعبها .. أحسّت بقدومهما ، فنهضت من تحته فقال الأبيات .. فأجابته من حينها بقولها :
قال ابن هاشم من ال |
|
مولى هي الّا حصص |
لو حد قسم غير ربّي |
|
قلت قسمي نقص |
__________________
(١) جفل : فر هاربا.