فمرّ في خروجه على جماعة يتراجزون في شبوانيّ لهم (١) ، فقال :
يا بن مساعد قال صالح نعنبوك (٢) |
|
يا الله متى الهوّاك في دارك يهوك (٣) |
ولعاد باتنفع مياتك واللّكوك (٤) |
|
باتصبح الّا عند بامهلس تحوك |
والّا بعوره عند صالح بادكوك (٥) |
وذهب الشّيخ صالح باوزير لطيّته (٦) ، وبقي الشّيخ عمر بن مساعد يساور (٧) الأحلام والآمال ، حتّى لجأ إلى آل عبد الله الكثيريّين بسيئون فنهضوا معه ، ولم يزالوا يوالون التّجهيزات حتّى استولوا على الهجرين في سنة (١٢٨٥ ه) ـ ومعلوم أنّ الهجرين مفتاح دوعن بأسره ـ ثمّ حطّوا على قزة آل البطاطيّ فانكسروا دونها ؛ لنجدة جاءت لأهلها من الأمير عبد الله بن عمر القعيطيّ بالشّحر ، فطردوا من حواليها من أصحاب الدّولة الكثيريّة ، وتراجعت فلولهم (٨) إلى الهجرين.
ثمّ لم يحسن المآل بين الشّيخ عمر بن سالم بن مساعد والدّولة الكثيريّة ؛ لأنّه استنفد أكثر ما في يده وعرف أنّ الدّولة لن تعطيه شيئا ممّا يتمنّاه ، وتحقّق استبدادهم عند رسوخ أقدامهم ، فاتّفق مع القعيطيّ وفتح له الطّريق فاقتحموها ، وحصروا بها
__________________
(١) الشبواني : رقصة شعبية حضرمية .. تنسب إلى شبوة ؛ لأنها جاءت منها. وفيها يحمل المرتجزون العصي ويهتزون على أصوات الطبول والدفوف ذات الجلاجل ويرددون الأراجيز الشعبية.
(٢) نعنبوك : كلمة توبيخ كثكلتك أمك في الفصحى ، ولعل أصلها : نعني بالذّم أباك.
(٣) الهوّاك : الصايح ، أو الناعي.
(٤) مياتك واللكوك : مئاتك ـ الدراهم ـ واللكوك : جمع لكّ ، وهو عبارة عن رزمة من المال.
(٥) آل بادكوك : أسرة في دوعن يسكنون عورة والقرين ، ظهر فيها أفاضل من الفقهاء ؛ منهم : الفقيه سعيد بن عبد الله بادكوك ، عاش في أواخر القرن الثالث عشر ، أخذ عن الشيخين سعيد باعشن وعبد الله باسودان ، وجمع فتاواهما في كتاب سماه : «فتح المنان بجمع فتاوى باعشن وباسودان».
منه نسخة خطية نفيسة بمكتبة الإمام أحمد بن حسن العطاس بحريضة ذكره السيد عبد الله الحبشي في «فهرس المكتبات الخاصّة باليمن».
(٦) ذهب لطيّته : لوجهه الّذي يريد.
(٧) يساور : يواثب.
(٨) الفلول : بقايا الجيش المنهزم.