وإمّا أن يكونوا عادوا أدراجهم واستأنفوا التّجهيز على حضرموت في سنة (١٢٢٣ ه) ، واستولوا به عليها ، وأقاموا بها ردحا (١) من الزّمن ، يبعثون البعوث بقيادة الأمير عليّ بن قملا وأخيه ناجي.
ففي سنة (١٢٢٤ ه) استولوا على حضرموت ، وهدموا القباب بها ، إلّا قبّة السّيّد أحمد بن زين الحبشيّ (٢) ؛ فإنّهم لم يعرّجوا عليها مراعاة لخواطر آل كثير الّذين فتحوا لهم الطّريق ولم يعارضوهم في شيء. وكذلك هاجموا حضرموت في سنة (١٢٢٦ ه) ، واختلفت الأقوال :
فقيل : إنّهم انكسروا دون شبام بقيادة الحبيب حسن بن صالح البحر. وقيل : إنّهم استولوا عليها ، كما اكتسحوها في سنة (١٢٢٤ ه).
ولم يكن سيّدنا الحسن البحر من المتعصّبين على الوهّابيّة ، ولا من المتشدّدين في إنكار مذهبهم كما يعرف من مواضع من هذا الكتاب ، منها : ما يأتي في تريس .. فلا يبعد أن يقود الجيوش لمحاربتهم ؛ لأنّه ينكر على غلاتهم تكفير المسلمين واستحلال دمائهم وأموالهم.
وفي «الأصل» : أنّ الجدّ علويّ بن سقّاف كتب للسّيّد عمر بن أحمد الحدّاد جاء فيه : أنّ المكرميّ خرج إلى حضرموت سنة (١٢١٨ ه) ، ولا يمكن أن يكون سيّد الوادي الحبيب حسن بن صالح تساند هو والسلطان جعفر بن عليّ في دحرهم ؛ لأنّ ظهور جعفر هذا إنّما كان في سنة (١٢١٩ ه).
وفي أشعار الحضارمة ومكاتباتهم ـ الموجود شيء منها ب «الأصل» ـ ما يدلّ على طول زمان الوهابيّة بحوره ، وأنّهم لبثوا مدّة ليست بالقصيرة يتجاذبون الحبال مع قبائل حضرموت مصالحة ومحاربة ، وكان أكثر من يتولّاهم يافع ، وأكثر من ينازعهم ناس من آل كثير ، وللحديث عنهم بقيّة تأتي في تريم وعينات إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) الرّدح : المدّة من الزّمن.
(٢) وأيضا : قبة الشيخة سلطانة الزّبيدية ، وعبد الله بن علوي العيدروس (صاحب بور) ، وقبة الشيخ عبد الله بن ياسين باحميد صاحب مدودة.