والثّانية : أنّهما كانا إلى جانب السّيّد عبد الله بن عمر العيدروس ، والثّالثة : أنّ معهما واحدا من آل عجّاج ، وواحدا من آل مخاشن.
فأمّا آل عجّاج : فحميت أنوفهم ، وأذكوا نار الحرب حتّى غسلوا العار بالدّماء.
وأمّا آل مخاشن : فلم يشتركوا في الحرب ؛ لأنّ السّعيد من كفي بغيره ، ولأنّ أكبر العار في أعرافهم إنّما يتناول الأقرب ـ كما سيأتي في القارة ـ وابن عجّاج هو الأدنى في النّسب إلى آل ثابت.
وقد بقي منهم جماعة على النّخوة العربيّة ، والأنفة المذحجيّة ، منهم اليوم :
عبد الله بن سعيد بن مخاشن ، ومحمّد عمرو بن مخاشن ، وأظنّهما الآن في مقدشوه.
ومن أولي نجدتهم الشّيخ عمر بن عمرو ، وهو شيخ شهم ، نجذته الحروب ، وحنّكته التّجارب ، وعرك أذن الزّمان ، وتعمّر حتّى نيّف على الثّمانين ممتّعا بالقوّة والحواسّ ، ولم يمت إلّا في سنة (١٣٦١ ه) ، فكان كدريد بن الصّمّة ؛ إذ تركه قومه وانصرفوا عن رأيه إلى رأي مالك بن عوف النّصريّ ، فكانت الدّبرة عليهم في يوم حنين (١).
وإلّا .. فقد كانت لعمر وأبيه عمرو قبولة حارّة على عادات الجاهليّة الجهلاء ، منها : أنّ أحد آل مخاشن ـ واسمه قعاص ـ جاء بأموال طائلة من الهند ، وما له إلّا ولد صغير ، فخاف على نفسه أن يقتله قومه ليستأثروا بماله .. فطلب من نهد أن يعطوه خفيرا يأمن به عادية أصحابه ، فأعطوه واحدا من آل شريشر ، ونادوا في الأسواق بأنّه في جوارهم ، فلم يكن من عمرو إلّا أن اقتحم داره في جماعة من أصحابه ، فقتلوا قعاصا وولده وخفيره ، فهاجت نهد وحاصرت عمرا ، فثبت وانسلّ عنه أكثر آل مخاشن ، إذ كانت فعلته شنيعة.
وما زالت نهد مجدّة في حصار عمرو .. حتّى قتل أحد أسرته المرابطين معه ، فرأت نهد أنّ العار انمحى عنها وانصرفت ، وفي ذلك يقول أحد نهد :
__________________
(١) انظر «سيرة ابن هشام» (٥ / ١٠٥) ، و «جمهرة خطب العرب» (١ / ١٧٠) ، وغيرها.