عبد الرّحمن بن محمّد بن زين ، ولد بأنزيجة من السّواحل الأفريقيّة (١) ، وبها تعلّم ، وأخذ العلوم عن أبيه (٢) وعن غيره ، وقدم حضرموت عدّة مرّات ، منها : سنة (١٢٩٨ ه) ، ومنها : سنة (١٣١٦ ه) ، وآخر مرّة قدمها سنة (١٣٢٥ ه) وشهد زيارة هود عليه السّلام ، وكان له بوالدي اتّصال عظيم ، وارتباط وثيق ، وأخذ تامّ ، وله مؤلّفات كثيرة ، وأشعار جزلة :
من كلّ قافية فيها إذا اجتنيت |
|
من كلّ ما يشتهيه المدنف الوصب |
حسيبة في صميم المدح منصبها |
|
إذ أكثر الشّعر ملقى ما له حسب |
توفّي في زنجبار سنة (١٣٤٣ ه) (٣).
ومن اللّطائف : أنّني عملت احتفالا لتأبينه والتّعزية به في مسجد طه ، وأعددت كلمة في نفسي ، وإذا بمؤبّر نخلي يكرّر ويتغنّى بقوله : (لا حلّ للموت) فقط ، فبقيت على أحرّ من الجمر في انتظار الباقي ، حتّى قال :
لا حلّ للموت ما |
|
خلّى كبد ساليه (٤) |
شلّ الوجيه الرضي |
|
يّه واللّحى الغاليه |
فذهب ما في نفسي ، وأخذني شأن عظيم درّ به كلام أحسن وأبلغ وأنجع ممّا كنت أعددته ؛ لأنّ ذلك الوصف منطبق عليه.
ولم ينس سعي العلم خلف سريره |
|
بأكسف بال يستقيم ويظلع (٥) |
وتكبيره خمسا عليه معالنا |
|
على أنّ تكبير المصلّين أربع |
__________________
(١) مولده سنة (١٢٧٧ ه).
(٢) والده الحبيب أبو بكر ، ولد بشبام ، وهاجر إلى أفريقيا ، وبها توفي سنة (١٢٩٠ ه) ، كان من أكابر تلامذة الإمام أحمد بن عمر بن سميط ، وصار له ولأولاده جاه كبير في شرق أفريقيا ، لا سيما بجزر القمر.
(٣) ترجمته في : مقدمة «منهل الوراد» بقلم الحبيب أحمد مشهور الحداد ، وفي مقدمة «الابتهاج» بقلم ابنه الحبيب عمر ، و «لوامع النور» (١ / ٣٢٥) و «رحلة باكثير» (١٥٦).
(٤) لا حلّ : عامّية بمعنى لا أحلّه ؛ أي لا أسامحه ، يقال عند القبر بعد الدفن : فلان يطلب الحلّ من الكلّ.
(٥) البيتان من الطّويل ، وهما لأبي تمّام في «ديوانه» (٢ / ٣٠٩) ، بتغيير بسيط. أكسف : أسوأ.
يظلع : يعرج في مشيه.