الآن : مسجد الطّيّب .. فقد بقي بأيديهم ، والظّاهر أنّه وقع فيما اجتاحه سيل سنة (٦٩٩ ه) الآتي ذكره ، وإلّا .. لما طمع السّيّد عقيل ـ حسبما يأتي ـ في التّجميع بمسجده الّذي بناه بجانب خبّة شبام الشّرقيّ ، إلّا أن يكون اختلاف المذهب داخلا تحت عسر الاجتماع ، المسوّغ للتّعدّد .. فللبحث مجال ، وبين العلماء اختلاف حتّى بين المتأخّرين من الحضارم ؛ كابن يحيى ، وبلفقيه ، والسّيّد عثمان بن يحيى ، وبعض علماء الحجاز ، وهو معمور إلى الآن.
وأمّا كثرة المساجد بها .. فإنّما كانت قبل أن تجتاح أطرافها السّيول (١) ، ويكون مجراها في جنوبها. وكان مسجد الخوقة بشبام هو مسجد الإباضيّة إلى أن غلبهم الأشاعرة عليه في سنة (٥٩١ ه).
ومن أشعار إمام الإباضيّة بحضرموت في القرن الخامس إبراهيم بن قيس (٢) قوله [من الطّويل] :
فقلت : وما يبكيك يا خود؟ لا بكت |
|
لك العين ما هبّت رياح زعازع |
فقالت : بكيت الدّين إذ رثّ حبله |
|
وللعلما لمّا حوتهم بلاقع |
فأين الألى إن خوطبوا عن دقائق |
|
من العلم .. أفتوا سائليهم وسارعوا؟! |
فقلت لها : هم في شبام ومنهم |
|
بميفعة قوم حوتهم ميافع |
وفي هينن منهم أناس ومنهم |
|
بذي أصبح حيث الرّضا والصّمادع |
ومنهم بوادي حضرموت جماعة |
|
وأرض عمان سيلهم ثمّ دافع |
__________________
(١) كان بشبام (٣٠) مسجدا ، كما في التواريخ القديمة ، وأما اليوم فالذي بداخلها ستة مساجد فقط :
المسجد الجامع ، ومسجد الخوقة ، ومسجد الشيخ معروف ـ المقدشي سابقا ـ ومسجد باذيب ، ومسجد باجرش ومسجد بن أحمد ، ومسجد مدرسة الحارة القبلية. وخارج السور : مسجد معروف الهابطي. وفي السحيل : مسجد عقيل ، ومسجد بامكا ، ومسجد طيب ، ومسجد باعشرة. ويوجد قرب المقبرة مسجد السبع.
(٢) إبراهيم بن قيس بن سليمان الهمداني الحضرمي ، ولد (بحضرموت) ، ومات نحو سنة (٤٧٥ ه) ، استعان بالخليل بن شاذان الإمام الإباضي بعمان ، واستولى على حضرموت باسم الخليل ، وأقامه عليها عاملا .. وكان شجاعا جلدا ، وله غزوات إلى الهند ، له مصنفات. «الأعلام» (١ / ٥٨).