وكان لهم ـ كما سبق عن الحبيب أحمد بن عمر ـ في نقد الرّجال الفهم الوقّاد ، وعندهم من الإزكان (١) والتّخمين (٢) ما لا يحصره التّعداد. من ذلك :
أنّ امرأة لأحدهم كثيرا ما تأكل اللّحم وتعتذر بالهرّة ، فلم يكن منه إلّا أن وزن الهرّة عند السّاعة الّتي يتّهمها فيها بأكل اللّحم ، وخرج من الدّار ، ثمّ عاد وقال لها : أين اللّحم؟ فقالت : أكلته الهرّة. فوزنها ثانيا ، فلم يزد فيها شيء ، فانكشف الخيم ، وانهتك الحريم.
وآل شبام يغضبون من وزن الهرّة إلى اليوم لذلك السّبب ، بل يكرهون من غيرهم لفظ الوزن وإن لم يذكر معه الهرّ.
حدّثني المرحوم الوالد أحمد بن عمر بن يحيى قال : كتب إليّ بعض أهل التّيمور يطلب كميّة من البقر فأخذتها ، وفي العشيّ كنت أنا والشّيخ الفاضل سالم بن عبد الرّحمن باسويدان بمنزل أمير الإحسان ، السّيّد محمّد بن أحمد السّقّاف بسنغافورة ، فذكرت شراء البقر ، فقالوا : كيف كان شراؤك لها؟
فقلت لهم : بالوزن. فغضب الشّيخ سالم ، وظنّ أنّ فيه تنكيتا عليه ، وأنا لم أتعمّد شيئا من ذلك ، وإنّما أرسلتها بحسب السّجيّة ، وبقي على غضبه مدّة ليست باليسيرة.
ولسماسرة شبام اليد الطّولى في سنّ الفاتر ، وتعيير العائب ، إلّا أنّهم لا يسلمون من التّحريش بين النّاس ؛ بينما أحد شعرائهم بالسّوق ـ واسمه عليّ ـ .. إذ ظهر قرنه الّذي يهاجيه ـ وهو بازياد ـ فأشلوه عليه ، فتفطّن لها بازياد وقال :
يا علي خذ لك نصيحه |
|
من رفيقك بازياد |
الشّتم بيني وبينك |
|
والضّحك لاهل البلاد |
__________________
وبالمئة والخمسين : مجموع حروف كلمة (سمن) ؛ فالسين ـ ٦٠ ، والميم ـ ٤٠ ، والنون ـ ٥٠.
(١) الإزكان : الفراسة والفطانة.
(٢) التّخمين : ظنّ الشّيء بالحدس.