وكان للشّيخ سالم ولد شهم شجاع ، هو : الشّيخ عليّ بن سالم بن محمّد بن يمانيّ ، له همّة عالية ، ورأي جزل ، وعنده مشاركة في بعض الفنون العلميّة ؛ لأنّه أطال الإقامة بالحجاز ، وثافن العلماء بمكّة والمدينة ، وقليل ما يحصل منه في تينك البلدتين .. خير من كثير ما يحصل في غيرهما ، والنّصّ ثابت في مضاعفة الصّلاة (١) ، وغيرها لا يخرج عنها.
وكانت بيني وبين الشّيخ عليّ بن سالم هذا صداقة متينة ، ولمّا مات سنة (١٣٣٧ ه) .. اشتدّ بي الحزن عليه ، وكان من كتابي لوالده في التّعزية به :
إنّنا كنّا نؤمّل أن نموت ويعيش عليّ ؛ ليبني قصور المجد بما تأثّلته من الأموال.
فأجاب بما معناه : إنّ الّذي تتمنّاه كان نفس ما أتمناه ، ولكن .. لا خيرة لأحد مع الله.
ولمّا كانت ثروة الشّيخ سالم لا تريد الشّرّ ، وكان هو لا يتمنّاه حتّى ولو أركب عليه ولم يكن لأقفال صناديقه مفتاح غير الحرب .. أحبّ أخوه عبد الله أن يوقعه في الشّبكة ، وكان الشيخ عليّ بن سالم أراد أن يعود لمطلّقته بنت ريس بن سعيد ، فأبوا أن يقبلوه ، فحمله عمّه عبد الله أن يقتل الّذي تزوّجها في ليلة زفافه سنة (١٣٢٠ ه) ، فأخطأه وأصاب عبد الله بن عامر العاس ، وكان في القوم جماعة من عبيد الدّولة والقبائل الكثيريّة ، وجماعة من أصحاب عبيد صالح بن طالب وغيرهم من القبائل ، نضخ رشاش دمه في ثيابهم ، فظنّ عبد الله بن محمّد والنّاس معه أنّ القيامة ستقوم ، وأنّ حربا ستنشب بين سالم بن محمّد والقبائل الّتي أخفر ولده ذمامهم ، فلا تنغلق صناديقه أبدا ـ وكان سالم بن محمّد يومئذ في طريقه إلى حضرموت فما هو إلّا أن وصل الشّيخ سالم إلى حضرموت ، واجتمع بالشّيخ عبيد صالح بن طالب في دار
__________________
(١) روى البخاريّ (١١٣٣) ، ومسلم (١٣٩٤) : عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه .. إلّا المسجد الحرام».