وبنى بها مسجده وداره ، ولم يزل يتردّد إلى خلع راشد للتّدريس في مسجد جدّه أحمد بن محمّد صاحب الحسيّسة ـ وهو أصل الجامع الموجود اليوم (١) ـ وإلى شبام للأخذ عن علمائها.
قال السّيّد عليّ بن حسن العطّاس في «سفينة البضائع» : (جئت إلى شبام وأنا في نحو (١٤) سنة ، وقصدت عند الخال بكّار بن محمّد بن أحمد بن عقبة ، وسرت أنا وهو إلى مسجد ابن أحمد (٢) ، وفيه سيّدي العلّامة محمّد بن زين بن سميط ، فبينما نحن جلوس ، وأنا بغاية الشّوق للحبيب أحمد بن زين .. إذ دخل علينا كأنّه البدر في تمامه ، وعليه كساء فاخر أبيض ؛ قميصان وعمامة ، وشال أبيض مشجّر بأسود) اه
توفّي الحبيب أحمد بالحوطة فجأة في سنة (١١٤٤ ه) ، ودفن بشرقيّ الحوطة ، وعملت عليه قبّة ، ولم يتمكّن الوهّابيّة من هدمها ؛ لاستعجالهم مع نوع من المجاملة لآل كثير ؛ لأنّ بعضهم كان عونا لهم على تنفيذ كثير من الأمور.
وله عدّة أولاد ؛ منهم : علويّ ، وقد توفّي بشبام ، وكان أهلها يهابونه هيبة عظيمة ، حتّى لقد قال الحبيب عمر بن زين بن سميط : لقد مات اليوم من يستحيا منه ، وآل شبام لا يسمّون إلى اليوم بعلويّ ؛ إجلالا له.
ومنهم : جعفر (٣) ، وهو الّذي خلف أباه ، له مظهر عظيم ، إلّا أنّه من أهل الأحوال الّتي يتطرّق إليها انتقاد الفقهاء بحقّ ، وفي «المواهب والمنن» : أنّ القطب الحدّاد ألبسه وألبس إخوانه مرارا عديدة ، وكان الحبيب أحمد بن زين يزور القطب
__________________
(١) يعني به الإمام أحمد صاحب الشعب ، المتوفى سنة (١٠٣٨ ه) ، وهذه فائدة عزيزة.
(٢) مر ذكر مسجد بن أحمد في شبام ، وهو مسجد قديم يعود بناؤه إلى القرن العاشر تقريبا ، وفي بعض المصادر أنه ينسب إلى الشيخ أحمد جبير شراحيل ، وقد قام الحبيب أحمد بن زين بعمارته وترميمه لشغفه الكبير بعمارة بيوت الله ؛ إذ بلغ عدد المساجد التي عمرها أو بناها أو جددها (١٧) مسجدا ، فكان شيخه الإمام الحداد يسميه : (أبا المساجد).
(٣) توفي الحبيب جعفر بن أحمد سنة (١١٩٠ ه) تقريبا ، وكان يسمّى : جعفر السلطان ؛ لعظم جاهه ، ترجم له باسودان في «الفيض» ، وأفرده بالترجمة السيد الفاضل عبد القادر (قدري) ابن حسين الحبشي ، وسمّاها : «ذخيرة الأوطان».