وقول حبيب [في «ديوانه» ٢ / ١٧ من الكامل] :
حذيت حذاء الحضرميّة أرهفت |
|
وأجادها التّخصير والتّلسين (١) |
وقول الرضيّ [في «ديوانه» ٢ / ١٧٧ من الوافر] :
وتمّ علاؤكم بي بعد نقص |
|
تمام الحضرميّة بالقبال (٢) |
وكما يضرب المثل بالسّيوف اليمانيّة .. فإنّ أهل اليمن يضربون المثل بالجنابي ؛ أي : الخناجر الحضرميّة ، ويتنافسون في اقتنائها ، ويتمدّحون بها في أشعارهم.
وسيأتي في وبار من آخر الكتاب مضرب المثل بنخيلها ، ولا جرم ؛ فإنّه كثير ، معتدل الحلاوة ، رقيق القشرة ، كثير اللّبّ ، رقيق النّوى .. فله أن يتفضّل بحقّ عن سائر التّمور (٣).
ونقلوا عن الصّاغانيّ أنّ ذا النّخيل يطلق على بقاع ؛ منها : واحد دوين حضرموت ، وهو المراد من قول أبي حرب الأعلم ، أحد بني عقيل ، أو ليلى الأخيليّة [من الرّجز]
نحن اللّذون صبّحوا الصّباحا |
|
يوم النّخيل غارة ملحاحا |
مذحج فاجتحناهم اجتياحا |
|
ولم ندع لسارح مراحا |
__________________
(١) حذيت : قيست. حذاء : قياس. أرهفت : لطفت ورقّت. التّلسين : خرط صدر النّعل ، وجعل شيء له يشبه اللّسان.
(٢) الحضرمية هنا : النعل. القبال : الزمام الذي بين الإصبع الوسطى والتي تليها.
(٣) وكذلك من الأمور التي اشتهرت بها حضرموت ما يلي : غزارة المياه وعذوبتها ؛ فإن مياه حضرموت الجوفية غزيرة ، وقد اكتشفت بها كميات كبيرة. وكما أن النفط اكتشف أيضا في وادي المسيلة بكميات تجارية كبيرة. وكذلك العسل الحضرمي ، الذي تغني شهرته عن التعريف به. واشتهار أهلها بعلم الفقه ، وخدمتهم لمذهب الإمام الشافعي مما لا يخفى على أحد. ودخول كثير من الأمم في الإسلام على أيدي علماء وتجار حضرموت الصالحين الدعاة إلى الله ، وهذا كالتاج على هامة كل حضرمي. وشهرة أهلها بالأمانة ، وحسن سياستهم للأمور ، ونجاحهم في أمور التجارة مع النزاهة والعصامية ؛ حتى إنّ بعضهم اليوم يعد من أغنى رجالات العالم.