ترى ملكا في بردتيه وتارة |
|
ترى اللّيث من أعطافه الموت ينطف |
إذا سار هزّ الأرض بأسا وقلبه |
|
إذا قام في المحراب بالذّكر يرجف |
يلوح التّقى في وجهه فكأنّه |
|
سنا قمر أو بارق يتكشّف |
فكثيرا ما قاد الكتائب للطّعان ، ونصب صدره للأقران ، فلقد صدّ عادية قوم في غربيّ شبام جاؤوا ليجتاحوا حضرموت ، وأوقع بهم شرّ هزيمة ، وقد أشكل عليّ أمر أولئك أوّلا ، يمكن أن يكون المكارمة الّذين جاؤوا في سنة (١٢١٨ ه) ، والنّاس يقولون : إنّهم الوهّابيّة ، ولكنّ بعض أهل حضرموت يطلقون على المكارمة الباطنيّة لقب : الوهّابيّة ؛ لأنّهم لا يفرّقون بينهم ـ على ما بينهم من البون ـ فالصّواب ـ كما يعرف من بعض المسوّدات ـ : أنّهم المكارمة ، جاؤوا هاجمين مرّة أخرى غير الأولى فكسرهم ، ولكنّ الّذي نقله والدي عن الأستاذ الأبرّ : أنّ بعض آل كثير قاوموا الوهابيّة ، وساعدهم بعض السّادة ، وحملوا السّلاح ، وجرح السّيّد شيخ بن عبد الله الحبشيّ جرحا خطيرا ، فشفاه الله بدعاء سيّدنا الحسن البحر ، ولم يفصح سيّدي الوالد فيما كتبه بأنّ أمير القوم إذ ذاك هو سيّد الوادي مولانا الحسن البحر ، ولكنّني سمعت من لسانه ذات المرّات أنّه هو ، وقد مرّت الإشارة إليه في حوره.
وكان سيّدنا الحسن البحر لا يقرّ على كظّة ظالم ، ولا على سغب مظلوم (١) ، ولقد جمع كلمة الشّنافر بعد جهد جهيد على ردّ الحقوق وإقامة الحدود ، وأخذ منهم العهود والرّهائن ، حتّى توجّه على رئيس منهم قصاص في قتل ، ولمّا صمّم على استيفائه .. احتال بعضهم على امرأة المقتول ـ وكانت أجنبيّة ـ فعفت ، فدخل الوهن على تلك الجمعيّة ؛ لأنّ أكثرهم بسطاء لا يفهمون ، ولو أنّه اطّلع على قول بعضهم بتحتّم القصاص إذا التزم الكاملون من الورثة بنصيب القاصرين ، أو الّذين يعفون من الدّية .. لأخذ به ؛ لأنّه مع قوّة عزيمته كان من أهل الاجتهاد والتّرجيح.
وكان لا يقوم أحد لغضبه إذا انتهكت حرمة الله أو اعتدي على من لا ناصر له
__________________
(١) الكظّة : امتلاء البطن حتى لا يستطيع معه التنفّس. السغب : الجوع. والمعنى : لا يترك الظالم ظالما ، ولا المظلوم مظلوما .. بل سرعان ما يأخذ الحق من الظالم ويرده للمظلوم.