سواه ، وكان لا يخاطب عبد الله عوض غرامة فمن دونه من الرّؤساء في المعتبة إلّا باسمه ، مجرّدا عن كلّ صفة ، يسكت لغرامة على آرائه الوهّابيّة ؛ لأنّ بعضها يوافق ما عنده من تجريد التّوحيد ، ولكن لا هوادة له عنده متى انبسطت يده في ظلم من لا ناصر له إلّا الله ، فهو ركن الإسلام ، وموئل الأنام.
ترى النّاس أفواجا إلى باب داره |
|
كأنّهم رجلا دبى وجراد (١) |
قلّما تجد جذعا من النّخيل الحافّة بداره إلّا مربوطا بها ـ في أيّامه ـ حصان أو حمار.
ولقد رأى كثرة الوفود مرّة ببابه .. فخرج بمنجله يحتطب ، ثمّ جاء أمامهم بحزمة على رأسه ، وقال لبعض خاصّته : لقد أعجبتني نفسي فعمدت إلى وقذها ، ومازال بها حتّى أماتها كما فعل ابن الخطّاب رضي الله عنه.
وإن كان ليقوم بالمصحف في الجامع ، فقال له السّيّد عقيل الجفري ـ وكان آية في الإخلاص والنّصح ـ : نعم هذا لو كان في بيتك ، فما أجابه إلّا بقول ابن الفارض [في «ديوانه» ٤٦ من الطّويل] :
فأبثثتها ما بي ولم يك حاضري |
|
رقيب لها حاظ بخلوة جلوتي |
فاقتنع ؛ إذ كان لا يختلجه أدنى ريب في صدقه.
وبحقّ يقول فيه الإمام المحضار :
ومن في (ذي صبح) (٢) أصبح |
|
وذبّاح بها يذبح |
وطبّاخ بها يطبخ |
|
وبو صالح بها ينضح (٣) |
بلا عجب ولا كبر |
__________________
(١) البيت من الطّويل ، وهو لأبي نواس في «ديوانه» (٤٧٢). الرّجل : القطيع من الجراد ونحوه من الخلق. الدّبى ـ جمع دباة ـ وهي : أصغر ما يكون من الجراد والنّمل.
(٢) ذي صبح : هكذا ينطق اسم البلدة عند العامة.
(٣) إما بالحاء المهملة من النضح ، أو (ينذخ) بذال وخاء ؛ أي : يعطي ويقسّم.