ولمّا اطّلع عليها الحبيب عبد الله بن حسين .. كتب عليها بخطّه : (علويّ بن سقّاف يقول الحقّ ولو كان مرّا)!!
غير أنّني تحيّرت زمانا في الحبيب عبد الله بن حسين هذا المقرّض ، أهو بلفقيه أم ابن طاهر؟ حتّى تذكّرت ما جاء في خطّ السّقّاف الّذي سيّره للسّيّد أحمد بن جعفر الحبشيّ ـ حسبما سبق في الحوطة ـ من قوله : (وأذعن لمصنّفه من لا يحبّه) ، فعرفت أنّ المراد بلفقيه ؛ لأنّه هو الّذي لا يحبّ مؤلّف «الدّلائل الواضحة» ؛ لاتّساع شقّة الخلاف بينهما في عدّة مسائل فروعيّة ، تبودلت بينهما في بعضها الرّدود اللّاذعة من الطّرفين.
وكانت «الدّلائل الواضحة» عندي .. فاستعارها منّي الفاضل الأديب السّيّد حسن بن عبد الله الكاف ، ثمّ لم يردّها وأحالني إلى عدن بعدّة كتب قياضا عنها ، فلم تدفع الحوالة ، وأخاف أن يكون أعدمها ؛ فإنّه بخوف شديد من أن يطّلع عليها الإرشاديّون فيجمعوا منها أيديهم على حجّة ضدّ العلويّين فيما هم فيه مختلفون.
ومن هذا ومن أخذ الجماعة كلّهم عن السّيّد أبي بكر بن عبد الله الهندوان (١) ـ وهو وهّابيّ قحّ ـ تبيّنت أنّ عند مولانا شيخ الوادي الحسن بن صالح مسحة من تلك الآراء بغاية الاعتدال ؛ لموافقتها لما هو فيه من الاستغراق في تجريد التّوحيد ، وعدم التفاته إلى غير الحميد المجيد.
ولا يشكل ـ على هذا ما في «بغية المسترشدين» عن فتاوى الحبيب علويّ بن سقّاف الجفريّ هذا .. من جواز التّوسّل ؛ لأنّه إنّما يبيح منه ما لا يوهم القدح في التّوحيد ، كما لا يشكل ما يوجد في بعض مكاتبات الحبيب عبد الله بن حسين بلفقيه ـ مع توهيبه ـ من الإنكار على بعض المتشدّدين في ذلك ؛ لأنّ ذلك الإنكار إنّما كان للتّهوّر وفرط الغلوّ اللّذين اشتطّ فيهما الرّجل ، وظنّي أنّه السّيّد جعفر السّالف الذّكر عمّا قريب.
__________________
(١) المتوفى بتريم سنة (١٢٤٨ ه) ، وهو حفيد العلامة أحمد بن عمر الهندوان ، وله ذكر في «عقد اليواقيت».