وقد قال أبو سليمان الخطّابيّ ـ وهو أحمد بن محمّد بن إبراهيم ـ [من الطّويل] :
ولا تغل في شيء من الأمر واقتصد |
|
كلا طرفي كلّ الأمور ذميم |
ومعاذ الله أن يخرج مولانا البحر ومن على طريقه عن حدّ الاعتدال ، ويقول بتكفير أحد من المسلمين ، إلّا بعد ثبوت المكفّر والإصرار عليه بعد الاستتابة ، وقد قال العلّامة ابن تيميّة في (ص ٢٥٨) من ردّه على البكريّ : (فلهذا كان أهل العلم والسّنّة لا يكفّرون من خالفهم) اه
مع أنّ هؤلاء ينكرون إنكارا شديدا على القبوريّين وجهّالهم ـ حسبما قاله لسان حالهم الشّيخ عبد الله بن أحمد باسودان في غير موضع من كتبه ـ ولم يكونوا في ذلك بمقلّدين ، بل كما قال سيّدي عبد الله بن حسين بلفقيه حين رمى كتاب غرامة : (نحن وهّابيّون من أيّام محمّد بن عبد الله صلّى الله عليه وآله وسلّم الّذي جاء بتكسير الأوثان ، والحنيفيّة البيضاء).
ورأيت للسّيّد محمّد بن أحمد الأهدل سياقة توافق ما هم عليه ؛ منها : أنّ طلب التّوجّه إلى الله في المهمّات من الأولياء ـ مع اعتقاد براءتهم من الحول والقوّة والاتّصاف بالعبوديّة المحضة ـ جائز ، وهو معنى التّوسّل. ولكنّه لا يكون إلّا عند ضعف اليقين ، والأولى للمؤمن القويّ الإيمان أن لا يجعل بينه وبين الله واسطة ؛ فقد قال تعالى : (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ)
وقد كان صلّى الله عليه وآله وسلّم لا يستعين إلّا بالصّبر والصّلاة ، ومتى حزبه أمر .. فزع إلى الصّلاة.
أمّا الأولياء .. فإنّهم ـ مع وجاهتهم وقرب دعائهم من القبول ـ ضعفاء فقراء لا يملكون لأنفسهم ـ فضلا عن غيرهم ـ نفعا ولا ضرّا ، ولا موتا ولا حياة ولا نشورا. والمكفّرات مقرّرة حتّى في المتون ، والاستتابة واجبة ، والكلام في العلل والأسباب معروف ، والتّوسّلات من جملة ذلك .. فلا حاجة إلى الشّغب فيما الاتّفاق على أصله حاصل.