طويلة ، وذكر أنّ فقهاء عصره أنكروا عليه بعض الأحوال ، منها : أنّه يحضر أغاني الفتايا ويجلس إليهنّ وأنّهنّ ممّن يضرب الدّفوف ويغنّي بين يديه في المواكب والمجالس.
ولذا لم يذكره ولده عبد الله في «ذيل طبقات الفقهاء» للإسنوي ، وذكر أخاه الطّيّب ، مع أنّه لا يزيد عليه فقها. ونقل تلك التّرجمة بأسرها سيّدي عمر بن سقّاف في كتابه «تفريح القلوب».
وما صنعه عبد الله بن عمر من إغفال ذكر والده يدلّك على تحرّ شديد وحيطة هائلة ، وماذا عليه لو ذكر فقهه وأشار إلى بعض أحواله؟ غير أنّ فرط إنصافه ذهب به إلى أن يتصوّر أنّ ذكر أبيه مع ما ينكر عليه يوقعه في شيء من الهوادة ، وهو ينزّه عدالته عن كلّ ما يعلق بها من الرّيب أو يمسّها من التّهم ، وإنّه لمقام صعب إلّا على من وفّقه الله ، فلهو أحقّ بقول حبيب [أبي تمّام في «ديوانه» ٢ / ١٧١ من الكامل] :
ويسيء بالإحسان ظنّا لا كمن |
|
هو بابنه وبشعره مفتون |
أخذ عنه جماعة من العلويّين ، منهم : الشّيخ أبو بكر بن سالم. والشّيخ أحمد بن حسين العيدروس.
وأخذ هو عن جماعة من العلماء (١) ، منهم : سيّدنا أبو بكر العدنيّ ، لكن لم يحمد بينهما المآل ، لأنّ الشّيخ عبد الله باهرمز لم يقبل تحكّم الشّيخ عمر له إلّا بشرط أن يسمع العدنيّ ما يكره ، ففعل ، وساءت بينهما الحال حتّى لقد كان الشّيخ يمدح بدر بن محمّد الكثيريّ والعدنيّ يهجوه ، والعدنيّ يمدح السّلطان عامر بن عبد الوهّاب ويذمّ البهّال (٢) ، والشّيخ عمر بعكسه.
ولمّا جرت الحادثة الهائلة على البهّال .. عدّها الغواة من هواة الخوارق من كرامات العدنيّ ، ثمّ لمّا قتل عامر شرّ قتلة .. عدّها الآخرون في كرامات الشّيخ عمر.
__________________
(١) ومن شيوخه : الشيخ عبد الرحمن الأخضر باهرمز ، (ت ٩١٤ ه) ، المتقدم ذكره في هينن.
(٢) البهّال هو شريف بيحان وحاكمها.