وما أحسن قول ابن نباتة : (والله .. لا يضرّ ولا ينفع ، ولا يضع ولا يرفع ، ولا يعطي ولا يمنع .. إلّا الله).
وكنت أظنّ النّفرة استحكمت بين العلويّين وآل بامخرمة في عهده وعهد ولده عبد الله إلى حدّ بعيد ، حسبما أشرت إلى ذلك في «الأصل» ، ويتأكّد ذلك بالقصّة الآتية له مع السّيّد علويّ بن عقيل في العرّ من ضرب السّيّد علويّ بن عقيل الشّيخ عمر بالنّعال ، وما بعد ذلك من هوادة ولا حفظ لخطّ الرّجعة.
لا سيّما وقد نقل سيّدي عليّ بن حسن العطّاس عن القطب الحدّاد ما يقتضي انحصار أخذ الشّيخ عمر بامخرمة على الشّيخ عبد الرّحمن باهرمز وأن لا شيخ له من العلويّين.
ولا ينتقض ذلك بما كان من أخذه عن العدنيّ ؛ لأنّه لم يدم ، بل بطل حكمه ، وقد أشرت إلى جميع هذا في «الأصل» وربّما كان مبالغا فيه ، وقد عوّض الشّيخ عمر عمّا لحقه من جفاء العلويّين في زمانه بما كان من إصفاق أعقابهم على فضله والولوع بديوانه وقد أطنب سيّدي عمر بن سقّاف في مدحه.
أمّا أشعار الشّيخ عمر بامخرمة .. فألذّ من الوصال ، وأحلى من السّلسال ، وفيها فراسات صادقة عن أمور متأخّرة ، كما يعرف ذلك بالاستقراء (١). ولم يزل بسيئون تحت الضّغط والمراقبة من بدر بوطويرق (٢) ، لا من النّاحية الّتي ينكرها عليه الفقهاء ، ولكن لما على كلامه من القبول : وله من التّأثير ؛ فهو يخشى أن يحرّض عليه ، فتتنكّر له النّاس (٣) ، على أنّ ذلك وقع عليه مع شدّة تحرّيه ، فثار عليه ولده (٤) ، وألقى القبض عليه ، وسجنه حتّى مات بغيظه مقهورا في سجنه سنة (٩٧٧ ه).
__________________
(١) وشعره مجموع في دواوين ، والمسموع من أفواه الشيوخ أن شعره كله يزيد على (٢٠) ديوانا.
والموجود حاليا من شعره مجلدان مخطوطان متداولان بين الناس ، ويقال : إنها تصل إلى عشرة مجلدات.
(٢) تماما كما فعل بدر مع الشيخ معروف باجمال في شبام ، كما مر فيها.
(٣) أي : لبدر بوطويرق.
(٤) أي : عبد الله بن بدر .. انظر مادة مريمه.