وفيها جماعة من ذرّيّة الحسين بن أحمد بن محمّد الحبشيّ ، منهم : العلّامة الفاضل السّيّد عليّ بن محمّد الحبشيّ (١) ، كان أبوه داعيا إلى الله ـ كما سبق في قيدون ـ يتنقل في البلدان بإشارة الحبيب عبد الله بن حسين بن طاهر ، لا يخرج عن أمره في شيء قطّ. فولد له السّيّد عليّ في قسم ، وانتقلت به أمّه (٢) إلى سيئون ، وبها نشأ ، وله رحلة إلى الحجاز ، وتخصّص في علم النّحو ، وله شعر جيّد ، وأكثر أوّله على لسان الصّوفيّة ، وله تأليف صغير في قصّة المولد (٣) ، وله أشعار حمينيّة ، وقد طبع جميع ذلك ، وفيه من الدّلالة على مرتبته العلميّة والشّعريّة ما يغني عن كلّ شيء.
إنّ آثارنا تدلّ علينا |
|
فانظروا بعدنا إلى الآثار |
وقال عليّ بن الجهم [من المتقارب] :
وأعلم أنّ عقول الرّجا |
|
ل يقضى عليها بآثارها |
أمّا أبوه : فإنّه السّيّد محمّد بن حسين الحبشيّ ، مفتي الشّافعيّة بمكّة ، وهو الشّيخ السّادس عشر من مشايخ سيّدي الأستاذ الأبرّ ، توفّي بمكّة سنة (١٢٨١ ه) ، وخلفه ولده العلّامة الجليل حسين بن محمّد الحبشيّ (٤) ، له رحلات كثيرة إلى حضرموت يتنفّس بها الزّمان ، وتتبسّم بها الأيّام ، حتّى إنّها لتكاد تكون أعيادا وأخوه السّيّد عليّ
__________________
(١) العلامة الكبير صاحب المقام والصيت الذائع ، ولد سنة (١٢٥٩ ه) ، وتوفي سنة (١٣٣٣ ه) ، أخباره كثيرة وشهيرة ، جمع ترجمته وسيرة حياته السيد الفاضل طه بن حسن السقاف في كتاب سماه : «فيوضات البحر الملي» في مجلد كبير.
(٢) والدة الحبيب علي هي الشريفة علوية بنت حسين بن أحمد الجفري ، سكان شبام ، عقد بها على والده شيخه الحبيب عبد الله بن حسين بن طاهر.
(٣) هو المولد الذائع الصيت المسمى : «سمط الدرر في أخبار مولد خير البشر وما له من أخلاق وأوصاف وسير» ، طبعاته كثيرة. وأما مواعظه وكلامه المنثور .. فجمعه عدد كبير من المريدين والتلامذة ؛ منهم السيد عمر مولى خيله ، والسيد محسن بن عبد الله بن محسن السقاف ابن عم المؤلف ، والسيد حسين بن عبد الله الحبشي وغيرهم.
(٤) ترجمته في : «تاريخ الشعراء» (٤ / ١١٠) ، «فهرس الفهارس» (٣٢٠) ، «رياض الجنة» للفاسي (٢ / ١٣ ـ ١٩) ، «فتح القوي» لتلميذه الشيخ عبد الله غازي ، وحفيده العلامة أبو بكر بن أحمد بن حسين في «الدليل المشير» (٩٢ ـ ٩٧).