الثّلاث على عمق غزير ، يمكن لكبريات البواخر أن ترسو بقربه ، وليس له طريق من البرّ إلّا من جهة شماله فقط.
وهو حصن منيع ، باقية آثاره ، وحواليه كتابات بالمسند (١) ، يظهر أنّها تعريف به وبأهله (٢).
هكذا وصفه لي السّلطان ناصر بن طالب.
وقد ذكره ابن الحائك الهمدانيّ بقوله : (وفي المنتصف من هذا السّاحل شرقا بين عمان وعدن .. ريسوت (٣) وهو موئل كالقلعة ، بل قلعة مبنيّة على جبل ، يحيط بها البحر إلّا من جانب واحد ، وبها سكن الأزد من بني جديد ، حتّى طردتهم بنو خنزريت من القمر ، فتفرّقوا في بلاد المهرة.
ويقال : إنّ ساكن ريسوت القدماء هم البياسرة ، والقمر زنة قمر السّماء ، بخلاف مدغشقر وما حواليها ؛ فإنّها تسمى : جزائر القمر بضمّ القاف والميم.
وفي موضع آخر يقول : ودهلك من معاقل البحر ، وكذلك ريسوت : حصن منيع لبني رئام وسقطرى وجبل الدخان) اه
ولريسوت ذكر عند ياقوت : في موضعه ، وفي التّعريف باليمن [٥ / ٤٤٨] ، وهو ناقل عن ابن الحائك ، وما ذكراه ينطبق في الكيف على حصن الغراب.
__________________
(١) الخط المسند : خط حمير القدماء ، وهو مخالف لكتابتنا اليوم.
(٢) ورد في «تاريخ اليمن القديم» (ص ١٥٧ ـ ١٥٨) .. ما يدلّ على أنّ هذه النّقوش والكتابة وضعت سنة (٦٢١ م) ، وهي تؤرّخ مرحلة من الصّراع الدّامي الّذي لاقاه نصارى نجران على يدي (ذي نواس) الملك اليهوديّ. والّذي نقش ذلك النقش هو (سميفع أشوع) من أبناء شرحبيل يعفر السّبئيّ اليهوديّ ، أحد أبناء حكّام اليمن التبابعة. وممّا يستفاد منه : أنّ حصن الغراب هذا كان يسمّى (عرماويه) .. وكان قد قام السّميفع المذكور بترميم سوره وبابه وصهاريجه وطريق العقبة الصاعدة إليه ، وتحصن هو وجنوده به بعد عودتهم من أرض الحبشة .. وللمزيد من التفاصيل يراجع الكتاب المذكور ، وكتاب «خلاصة السيرة الجامعة لعجائب أخبار الملوك التبابعة» (١٧٥).
(٣) في المخطوط (ريبوت) ـ بالباء الموحّدة ـ وفي «صفة الجزيرة» و «معجم البلدان» : ريسوت بالسّين ؛ وهو الصّواب .. ولذا عدلنا إليه.