ـ على ما ألاقي به من الأذايا ـ اشتدّ شوقي إليه ، كما يعرف من «ديواني» المحشوّ به ، من ذلك قولي من قصيدة إماميّة [في «ديوان المؤلّف» ٥٢١ ـ ٥٢٢ من الطّويل] :
شجون أطارت في الظّلام منامي |
|
لتذكار أيّام بسفح يثام |
بحيث الفضاء الرّحب والسّدر حوله |
|
منابت نخل باسق وبشام (١) |
قليل به الأعشاب لكنّ ماءه |
|
ألذّ وأصفى من سلاف مدام (٢) |
وما نزه الدّنيا وجنّات ريفها |
|
بأنفع من بطحائه لسقام |
ولن أنس فوق الرّمل فيه مجالسي |
|
شمالي بنتي واليمين غلامي |
عشايا على تلك السّفوح تصرّمت |
|
بإثر غدايا في هنا ووئام |
بصحبة قوم طاهرين مراجح |
|
ميامين شمّ صادقين كرام |
مضوا كلّهم قدما وعاشوا بحمدهم |
|
وإن أعقبوا في عصرنا بلئام |
ومن أخرى وداعيّة كان إنشاؤها في سنة (١٣٥٤ ه) [في «ديوان المؤلّف» ٥٢٥ ـ ٥٢٦ من الطّويل] :
تذكّرت شرقيّ الحمى منبت الأثل |
|
وماأصعب الذّكرى على ذي الوفامثلي (٣) |
مشارف ما فيهنّ للعين منظر |
|
يروق سوى شيء من السّدر والنّخل |
فما زرعها زاك ولا ثمّ ساكن |
|
بها غير شاك قلّة الأمن والعدل |
ولكنّ فيها نشأتي وولادتي |
|
وخلّفت فيها صبيتي وبها أهلي |
فما في بلاد الله أرض كمثلها |
|
لديّ على تلك المخاوف والأزل (٤) |
ولم أنس في يوم الوداع مواقفا |
|
لواعجها في القلب أشوى من الثّكل (٥) |
__________________
فصار (علم بدر) كما يوردها المؤلف كثيرا في هذا الكتاب.
(١) البشام : نبت طيّب الرّائحة ، يستاك به.
(٢) سلاف المدام : أجودها وأزكاها.
(٣) الأثل : شجر طويل ، يعمّر كثيرا ، جيّد الخشب ، كثير الأغصان متعقّدها ، دقيق الورق.
(٤) الأزل : الشّدّة.
(٥) اللّواعج : الآلام.