نسبهم إلى يافع بن زيد بن مالك بن زيد بن ذي رعين ، وكان لجلائهم منها رنّات حزن مؤثّرة ، كما قال أبو عبادة [في «ديوانه» ٢ / ٣٦٣ من الكامل] :
كانوا جميعا ثمّ فرّق بينهم |
|
بين كتقويض الجهام المقلع (١) |
ووراءهم صعداء أنفاس إذا |
|
ذكروا الفراق .. أقمن عوج الأضلع |
لأنّ لفراق الأوطان مطلقا عبرات تنقضب (٢) لها الضّلوع ، فكيف بسيئون الّذي مرّ بك من وصفها ما يشعر بتزيّدها في هذا الشّأن؟ ولذا لم تزل يافع تتحرّق حتّى ظفرت بالمساعدة من الأمير عمر بن عوض القعيطيّ ، فاستردّتها في سنة (١٢٦٥ ه) ، ولكنّهم لم يقيموا بها إلّا سبعين يوما ، والفتنة ذاك أوارها ، مترام شرارها.
وفي يوم الخميس غرّة جمادى الأولى من سنة (١٢٧٢ ه) .. وصل السّلطان غالب بن محسن (٣) من الهند إلى ريدة ابن حمدات ـ السّابق ذكرها في المراسي ـ ونزل عند أصحابه آل عبد الودود ، ثمّ إلى تاربه ، ثمّ إلى تريم ، ثمّ إلى سيئون.
وفي ثاني يوم وصوله إلى سيئون خفّ إلى ذي أصبح لزيارة وحيد حضرموت ،
__________________
(١) تقويض : تفريق. الجهام : السحاب.
(٢) تنقضب : تنقطع.
(٣) هو غالب بن محسن بن أحمد بن محمد بن عبد الله ، المنتهي نسبه إلى عبد الله بن بدر بوطويرق الكثيري ، ولد سنة (١٢٢٤ ه) أو (١٢٢٣ ه) في قرية غنيمة بوادي تاربة ، وسافر سنة (١٢٤٦ ه) إلى الهند ، والتحق بالجيش النظامي ، وترقى إلى رتبة جمعدار بمعونة الجمعدار عبد الله بن علي العولقي.
وكانت عودته لإقامة دولة آل عبد الله الأخيرة بمعونة بني عمومته : علي بن أحمد ، وعبود بن سالم آل كثير ، وكان ابن أخته عبود بن سالم قد ورد إلى حضرموت سنة (١٢٦١ ه) وبدأ في التمهيد ، وأخذ يجوب حضرموت شرقا وغربا يأخذ العهود والمواثيق من القبائل ، وكان السلطان غالب يمده من الهند بالأموال اللازمة ، ولم يأت إلى حضرموت إلا وقد ملأ اسمه وصيته الأسماع. ينظر : «الصفحات» لباوزير (١٩٠ ـ ٢٠٠).
أما دولة آل كثير الأولى .. فقد انتهت في عام (١٢٢٣ ه) بعد هزيمة يافع للأمير جعفر بن علي بن عمر بن جعفر ، وبوفاته انحصرت سلطة أبنائه على شبام فقط ، وقامت بها دويلة آل عيسى بن بدر سنة (١٢٣٩ ه) ، وانتهت بمقتل السلطان منصور بن عمر في شبام سنة (١٢٧٤ ه) على يد السلطان عوض بن عمر القعيطي.