الإمام : حسن بن صالح البحر وطلب دعاءه ، وكان السّلطان غالب صالحا عادلا ، أبيض السّريرة ، غير أنّ وزيره عبود بن سالم ـ وهو ابن أخته ـ لم يكن هناك ، وقد استولى على خواطره ، فكانت تتّجه إليه ملاوم أهل الحقّ من هذه النّاحية من حين إلى آخر ، ولم يزل على السّلطنة إلى أن توفّي فجأة في (٢١) رجب ، سنة (١٢٨٧ ه) ، ودفن من اليوم الثّاني في جمع عظيم أمّ النّاس فيه سيّدي الجدّ محسن بن علويّ ، وخطب خطبة وجلت لها القلوب ، وذرفت العيون.
وقد طمع في الإمارة بعده كلّ من : أخيه عبد الله بن محسن ، وابن أخته عبود بن سالم ، وابن عمّه عبد الله بن صالح. وكان أشدّهم طمعا عبود ؛ لأنّ خاله تهيّأ قبيل وفاته للتّنازل عنها له تأثّما من التّبعات ، غير أنّ الجدّ محسنا بحكمته وشهامته وصرامته وضع عمامته على رأس ولده منصور ، فكمّت الأفواه وكان إذ ذاك أوان البلوغ ، وكان ذلك الصّنيع فلتة ، إلّا أنّ الله وقى شرّها.
وكان السّلطان محسن بن غالب صغيرا يوم مات أبوه ، ولمّا شبّ .. ساهم أخاه (١) ، فتناصفا الملك عن طيبة خاطر.
وفي سنة (١٣٣٤ ه) وصلني كتاب من قائد الجيوش العثمانيّة بلحج ، وهو علي سعيد باشا ، يطلب اعتراف سلاطين حضرموت بأنّهم تبع الدّولة العليّة ، فما زلت بالسّلطانين حتّى وقّعا على الوثيقة المكتوبة في ذلك المعنى بإمضائهما ومهريهما ، إلّا أنّ مهر (٢) السّلطان محسن كان مع الاستعجال منكوسا ، فتشاءمنا من ذلك.
ووقّع عليها السّلطان عليّ بن منصور بصفته وليّ عهد أبيه ، والقاضي (٣) لذلك العهد.
وأرسلتها إليه فلم يكتف بها حتّى طلب إمضاء المناصب والرّؤساء ، فما زلت بهم حتّى أمضى أكثرهم على مثلها ، وسيّرتها إليه. وغضبت لها حكومة عدن ، وتوعّدني
__________________
(١) ساهم أخاه : أعطاه سهمه وحصّته ، وكان لمحسن وأولاده تريم ونواحيها.
(٢) المهر ـ بضم الميم ـ الختم.
(٣) أي ووقّع معهم القاضي ، وحكمته : ليعلم أن السلاطين يحكّمون الشريعة.