السّيّد حسين بن حامد المحضار ظاهرا ، ولكنّه كان يغريني في السّرّ على توثيق العلائق بيني وبين علي سعيد باشا ، ومواصلة الكتب إليه ، وقد تبودلت بيننا كثير من الكتب والقصائد توجد بمحلّها من «الأصل» و «الدّيوان».
وبإثر ذلك كانت حروب صوريّة بين القعيطيّ وآل كثير ، وهي المسمّاة : حرب قسبل ، وكان الضّلع الأقوى فيها الشّيخ طالب بن جعفر من آل كثير.
وأكثر النّاس يتفرّس أنّ السّيّد حسين بن حامد كان يتعلّل بتلك المناوشات مع آل كثير عمّا تطالبه به حكومة عدن من الاشتراك في مباشرة الحرب مع علي سعيد باشا.
ولمّا شعر بانتهاء الحرب العظمى .. أشار على حكومة عدن بإيقاف حرب حضرموت ، وطلب المتحاربين إلى عدن ، ففعلت ، وسار هو بالنّيابة عن السّلطان غالب بن عوض ، وجاء الشّيخ سالم بن محمّد بن طالب ، والشّيخ سالم بن جعفر ، والشّيخ ناصر بن عمر بن يمانيّ بصفة النّيابة عن آل كثير ، وهناك تواضعوا على المعاهدة ذات الإحدى عشرة مادّة ، المحرّرة في (٢٧) شعبان سنة (١٣٣٦ ه) ، وقد حدّدوا فيها نفوذ سلاطين آل كثير في ستّ نقط ، وهي : تريم ، والغرف ، وسيئون ، ومريمه ، وتريس ، وغيل ابن يمين.
قالوا : وصار الاعتراف : أنّ الشّنافر تابعون لسلاطين آل عبد الله ، وهم : آل عمر وآل عامر (١) ، والفخائذ : آل كثير والعوامر ، وآل جابر ، وآل باجري وما شملته حدودهم.
فمن هذه الجملة وجدوا السبيل إلى توسيع منطقتهم ؛ إذ لم يكن عند القعيطيّ كفيّ بقرع هذه الحجّة بمثلها.
وبإثر ذلك وصل السّيّد حسين بن حامد إلى حضرموت ، واستقبل استقبالا مهيبا عظيما ، وفي اليوم الثّاني من وصوله إلى سيئون زارني بمكاني علم بدر ، وحضر
__________________
(١) هذه هي المعاهدة الثانية وهي معاهدة صلح ، أما الأولى .. فكانت : معاهدة الحماية ، والثالثة : معاهدة الاستشارة وتقدمتا. ينظر : «الأدوار» (٤١٤).