أمكنه به أن يستلّ خنجره ويوجر (١) به عامرا.
وقوله : (يأكل جلجل) كناية عجيبة عن دخول النّمل إلى فيه وهو مطروح بالكوت.
ثمّ عاد محمّد بن عليّ بن عبود إلى باندوم ، وكان مقصدا فيها للضّيفان ، وقد تلقّاني إلى المحطّة لمّا اجتزت باندوم سنة (١٣٣٠ ه) ، وبتّ عنده على أرغد عيش ، إلّا أنّه كان عنده ليلتئذ رجل من السّادة نفس عليّ تخصيصه بالمنزل والمبالغة في التّحفّي فقاتل الله الحسد الّذي لا يؤذي إلّا صاحبه.
وفي حدود سنة (١٣٢٦ ه) حضر بعض ورثة الحوارث فادّعى على السّيّد محمّد بن حامد بن عمر السّقّاف بحصّته من البير المسمّاة (الحضيره) في شمال حصن الحوارث إلى الجهة الشّرقية ، وكانت من جملة أموالهم فانتهت إلى السّيّد محمّد بن حامد فيما توزّع من تراثهم ، ولم يعدم المدّعي بيّنات كثيرة بأنّها ملك مورّثه إلى أن مات ، وكان على القضاء إذ ذاك سيّدي علويّ بن عبد الرّحمن السّقّاف ، وهو أخو السّيّد محمّد بن حامد من الأمّ ، فتوقّف عن الحكم في القضيّة خشية أن يحابي أخاه فلا يستوفي حقّ المدّعي بأجمعه ، فأمر السّلطان بنفوذ الطّرفين إلى تريم للتّحاكم عند قاضيها.
ولمّا هبّوا للسّير وأحضر المدّعي بيّناته وعرف السّيّد شيخ بن محمّد الحبشيّ حقّ المعرفة توجّه القضاء على السّيّد محمّد بن حامد ـ وكان له صديقا ومحبّا ـ أنقذ الموقف ، وطلب سحب المسألة من القضاء ، وتفويض الأمر إلى أربعة نفر هو أحدهم ، وأنا الثّاني ، والثّالث الأخ عبد الله بن حسين ، والرّابع هو السّيّد سقّاف بن عبد الله بن عمر شهيد الهدم ، فخلّصنا السّيّد محمّد بن حامد من الأحمال الفادحة الّتي لا محيص له عنها لو انبرم القضاء بشيء من الدّراهم حوالي الأربع مئة ريال عن حصّة ذلك الوارث من الحظيره ، وعمّا كان استغلّه السّيّد محمّد بن حامد من ثمراتها طوال السّنين ـ وبرضا الطّرفين تمّ استحلالها عن طيبة نفس ـ أبرمنا الصّلح على ذلك بعد الإقرار الصّريح بالعقد الصحيح ، ولو لم يكن إقرار .. لما صحّ الصّلحّ ، وبقي المدّعي على دعواه ، فسرّ به سيّدي العلّامة القاضي علويّ بن عبد الرّحمن سرورا كثيرا.
__________________
(١) يوجر : يطعن.