ومنه تعرف أنّ دولة مريمه كانت للحوارث ؛ لأنّ هؤلاء كانوا منهم ، ويتأكّد ذلك بما ذكره «شنبل» في أخبار سنة (٩١٤ ه) أنّ : (مجلّب بن عقيل الأظلفيّ تسوّر على السّلطان محمّد بن جعفر بن عبد الله بن عليّ الكثيريّ ليلة النّصف من صفر من تلك السّنة وهو بمصنعة مريمه ، فقتله وهو راقد بجانب زوجته بنت محمّد بن جميل الحارثيّ) اه
وما كان السّلطان متملّكا على مريمه وإنّما جاءها زائرا ، وبلغني أنّ بعض سلاطين آل كثير حاصر الحارثيّ بمصنعة مريمه سنة ، ثمّ ولدت للكثيريّ فرس بعد انتهاء السّنة ، فأدلى له حزمة من القضب من رأس المصنعة (١) ، فقال : (من لا يعوزه القضب مع هذا الحصار .. فلن يعوزه غيره) فارتحل عنه.
وآثار النّقب في أسافل هذه القارة ظاهرة إلى اليوم ، وكأنّ ذلك المحاصر أو غيره أرادوا حفرها ليمنعوه الماء فلم يقدروا.
وبلغنا عن بعض المشايخ : أنّ القطب الحدّاد زار بعض صلحاء مريمه وكان مقعدا ، وسأله أن يدعو له بحسن الخاتمة ، فحمي الشّيخ وأخذه حال واهتزّ ، وقال : حولها ندندن ، وأنشأ الرّجل يقول [من المجتثّ] :
قد استعنتك ربّي |
|
على مداواة قلبي |
وحلّ عقدة كربي |
|
فاختم بالايمان الاجال (٢) |
وأخذته حالة شريفة جرى من حرارتها في عروقه الدّم ، وقام سويّا كأن لم يكن به ألم ، وقد استحسن القطب الحدّاد هذا الكلام فأدرجه في قصيدة له بناها عليه ، وبعض هذه القصّة موجود في «كلام سيّدنا عمر بن حسن الحدّاد».
ولم تزل ذرّيّة السّيّد يوسف بن عابد بمريمه إلى الآن.
ومنهم : السّيّد حسين بن محمّد بن عبد الله بن شيخ بن إبراهيم الحسني ، المتوفّى بها سنة (١٣٤٠ ه) ، وكان مكثرا من البنين والبنات ، له منهم فوق الخمسين ،
__________________
(١) القضب : البرسيم (دارجة).
(٢) انظر البيتين والقصة في «ديوان الإمام الحدّاد» (٤٤١ ـ ٤٤٥).