وفي سنة (١٣٣٧ ه) حدث شجار بين رجلين منهم ـ يقال لأحدهما : عبد الله بن صلاح ، وللآخر : كرامة بن فرج ـ على قطعة أرض ، فلم يكن من كرامة إلّا أن قتل عبد الله بن صلاح ، وأخذ داره وأخرج عائلته منه ، فوصل إليه ستّة من أقربائه ، وبينا هم يراجعونه .. أقبل آل باجريّ ، فلمّا رآهم أقبلوا .. أطلق عليهم الرّصاص ، فلم يكن من أحد السّتّة إلّا أن قتله ؛ لأنّه رأى إطلاقه الرّصاص على القوم وهو إلى جانبه مخلّا بذمامه ، فانبرى له آخر من السّتّة فقتل قاتل كرامة ، وهكذا تناحر السّتّة وسقطوا يتشحّطون في دمائهم.
وكان آل باجريّ من أبعد قبائل حضرموت عن السّلب والنّهب وقطع الطّريق حتّى في أيّام الفوضويّة. ومن أواخر رؤسائهم : الشّيخ سعيد بن قطاميّ ، كان شجاعا ، قويّ العارضة ، لا ينكص (١) في مأزق القتال ، ولا يتلجلج إذا تشادقت الرّجال ، إلّا أنّه الآن ضعف ، وذهب بصره وسمعه ، وخفّ شعوره ، حتّى لا يحسّ بانكشاف عورته ، فدخل تحت قوله تعالى : (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ) على أنّه لم يكن بالطّاعن في السّنّ كثيرا ، وغاية ما يكون أنّه ذرّف على الثّمانين ، وفيهم من ناهز المئة متمتّعا بالحواسّ ؛ كسعيد بن حبشيّ باجريّ.
وفي سنة (١٣٦٠ ه) أحدث بعض عبيد الدّولة الكثيريّة حدثا بتريم ، وهربوا ، ولم يقدر أحد يجيرهم ؛ خوفا من الإنكليز .. فضاقت بهم الأرض ، فنزلوا على آل باجريّ فأضافوهم ، وعزموا على تبليغهم المأمن على عادة العرب المطّردة في ذلك ، فلم يشعروا إلّا وقد باغتتهم ثلّة من عساكر الدّولة الإنكليزيّة الموكّلين بحماية الطّرق وحفظ الأمان ، وقالوا لآل باجريّ : إمّا أن تسلموا العبيد ، وإلّا .. وقع عليكم الحرب.
فقال لهم سعيد بن قطاميّ ـ بعد أن اجتمع حوله آل باجريّ كلّهم ، آل أحمد بن عليّ وآل حمود وغيرهم ـ : والله ، لو تناطحت الجبال .. لن ندفع لكم جيراننا بسبيل
__________________
(١) ينكص : يرجع.