إذا لم أفتكم بصريح علم |
|
فلا من بعدها تستفتئوني |
بما في محكم القرآن أفتي |
|
وإلّا بعد هذا كذّبوني |
أو ليس من أصرح الصّريح في دعوى الاجتهاد؟
وذكر العلّامة ابن حجر في «فتاويه» عن علماء المتأخّرين من الحضارم : أنّهم لا يتقيّدون بكلام الرّافعيّ والنّوويّ ، وهما عمدة المذهب ، ولا يحضرني نصّ صريح في تعيين وقت التّمذهب ، وكانت العرب إذ ذاك متّصلة ، والأسواق جالبة ، والمشاهد جامعة ، والبلاد بما ألفوه من التّرحّل واستقراب البعيد متقاربة.
وممّا يشهد لهذا : أنّ كلّ مرحلة يأتي ذكرها عند الهمدانيّ وأمثاله تزيد عن مرحلتين بسير أهل العصور المتأخّرة.
ومرّ في الكسر أنّ يونس بن عبد الأعلى كان منه ، وهو أحد أصحاب الشّافعيّ ، وغير خاف أن حرملة بن عبيد الله صاحب الإمام الشّافعيّ وأحد رواة مذهبه .. كان من تجيب ، ومثله أبو نعيم التّجيبيّ المتوفّى سنة (٢٠٤ ه).
ومثرى تجيب بالكسر ، ثمّ نجع منهم الكثير إلى مصر ، ولا بدّ بطبيعة الحال أن يكونوا على اتّصال بأهل وطنهم أدبيّا ومادّيّا كما هي العادة بين العشائر ، ومعاذ الله أن تقطع رجالات العلم صلاتها بأوطانها وقراباتها وهم أحقّ النّاس بصلة الأرحام والحنين إلى الأوطان والقيام بحقوقها الّتي تفضل حقوق الأمّهات على الأولاد كما فصّلت في غير قصيدة من «الدّيوان».
ومرّت الإشارة في هذا المبحث لبعض العلماء الحضرميّين ، وأنّ آل باذيب نجعوا من العراق إلى حضرموت في أيّام الحجّاج ، وكان فيهم مفتون وقضاة.
وقال الشّيخ عبد الله بن أحمد باسودان في «جواهر الأنفاس» : (نقل الشّيخ عليّ بن أبي بكر عن بعض علماء آل عبّاد أنّه كان في تريم ثلاث مئة مفت ، والصّفّ الأوّل من جامعها كلّه فقهاء ، يعني : مجتهدين في المذهب.
وفي شبام ستّون مفتيا ، وقاض شافعيّ ، وقاض حنفيّ ، وفي الهجرين مثل ذلك) اه