يتهيّأ له من الانتشار ما ييسّر الاطّلاع عليه لكلّ راغب في الاستفادة منه في معرفة جميع أحوال ذلك الجزء من الوطن العربيّ.
من هنا كان لما أتحفني به (١) الأستاذ هادون ـ وقد تحدّثت عنه في «العرب» في هذا الجزء ـ الأثر العميق في نفسي ؛ لأنّه أحدث في القلب شجنا وتأثّرا ، لا لكون مؤلّف ذلك الكتاب غريبا عنّا وعن بلادنا ، وأنّه كان يعمل في دائرة البحوث في وزارة المستعمرات البريطانيّة ـ الّتي جثم كابوسها على تلك البقعة الحبيبة من بلادنا حقبة من الزّمن ـ فالحكمة ضالّة المؤمن ، والحقّ يتطلّبه العاقل ويقبله من كلّ أحد.
ولكنّني أحسست بكثير من الخجل حين أدركت أنّ هذا الباحث الغريب ـ الّذي لا تربطه ببلادنا رابطة من روابط الحبّ ، أو عاطفة من عواطف الصّلة والإخاء ـ يعرف من أحوال تلك البلاد أكثر ممّا يعرفه كثير من المهتمّين بالبحث والدّراسة في تاريخ الأمّة العربيّة كلّها ، ممّن يجب أن تكون صلتهم بها أعمق ، وعنايتهم بمعرفة أحوالها أشدّ ، ومعرفتهم بتاريخها أوسع ، وسعيهم لتقوية أواصر الأخوّة والارتباط بها أقوى وأشمل.
ولقد حفزني هذا إلى محاولة تحوير اتّجاه مجلة «العرب» ـ قدر استطاعة القائمين عليها ـ للإسهام بجهدها ـ على ضعفه وقلّة جدواه ـ فتقدّم لقرّائها ما تتمكّن من تقديمه من معلومات تتعلّق بتاريخ تلك البلاد وجغرافيّتها ، وتراجم مشاهيرها ، ممّا يمدّها به أولئك القرّاء من ثمرات قرائحهم ؛ فهم ذووا الفضل على مجلّتهم ، قرّاء وكتّابا :
__________________
(١) أي : كتاب المستشرق سارجنت السّابق الذّكر ، وسارجنت هو : مستشرق بريطاني ، ولد سنة (١٩١٥ م) تعلم في إدنبرا وكمبريدج ، وانتدب باحثا لشؤون الجزيرة العربية في مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية سنة (١٩٤٠ م) ، ومحاضرا للغة العربية سنة (١٩٤١) ، وموظفا في الإذاعة البريطانية سنة (١٩٤٢ ـ ١٩٤٥ م) ، ومنقبا في حضرموت سنة (١٩٤٧ ـ ١٩٥٤ م) ، ومنقبا في جنوب الجزيرة العربية والخليج الفارسي سنة (١٩٥٣ ـ ١٩٥٤ م) ، له مؤلفات قيمة منها : «مختارات من الأدب العامي الحضرمي» طبع سنة (١٩٥١ م) بلندن ، وغيرها في مجالات متعددة أخرى.