وهي من القرى الحديثة العهد ، كانت لآل زيدان من القرامصة التّميميّين ، فاشتراها منهم السّلطان عبد الله بن محسن بن أحمد الكثيريّ لأخيه السّلطان غالب ، بهمّة جدّي المحسن ، وإشارة سيّد الوادي الحسن بن صالح البحر ، ومساعدة جبل العبادة عبد الله بن حسين بن طاهر بألف ومئتي ريال ـ والمبيع إنما هو إمارتها لا رقبتها ـ وكانت أوّل دولتهم بها ، ولمّا بدأ السّلطان عبد الله بن محسن بسورها .. ثارت ثائرة القرامصة حتّى أرضاهم بنافلة من المال.
وكان يسكنها السّيّد الجليل ، الدّاعي إلى الله بلسانه وقلمه ، الوالد عثمان بن عبد الله بن يحيى (١) ، حفيد العلّامة الفاضل الجليل عقيل بن عمر بن يحيى (٢) ، له مؤلّفات كثيرة في خدمة الدّين الإسلاميّ ، ويد بيضاء في نشر دعوته وشرح أسراره بين الجاويّين.
ولمّا وردت جاوة في سنة (١٣٣٠ ه) .. وجدت جماعة من السّادة يناوئونه ؛ منهم : السّيّد محمّد بن عبد الرّحمن بن شهاب (٣) ، والسّيّد عبد الله بن عليّ بن شيخ العيدروس ، ومن على شاكلتهم من الرّهط الّذي كان يبثّ مبادىء الإرشاد في
__________________
(١) ولد السيد عثمان ببتاوي جاكرتا سنة (١٢٤٨ ه) ، ونشأ في كنف والده ، ثم أرسله إلى حضرموت وأقام مدة بها يطلب العلم ما بين المسيله وتريم ؛ وقد قام برحلات إلى عدد من الأقطار ، فدخل مكة والمدينة والجزائر وتونس ومصر وإستانبول ، وله بها شيوخ عدة. ثم عاد إلى مسقط رأسه ، وأسس مطبعة حجرية نشر من خلالها مؤلفاته التي فاقت على (١٦٠) مؤلفا ما بين رسالة وكتاب ، وأكبر مؤلفاته كتاب : «القوانين الشرعية» ، وكانت له لقاءات مع المستشرق الهولندي المعروف : سنوك هرخرونيه الذي يقال : إنه أسلم على يديه ، وقد ذكره المستر سنوك كثيرا في مذكراته المطبوعة.
وكانت وفاته ببتاوي يوم الأحد (٢١) صفر (١٣٣٢ ه).
(٢) السيد عقيل بن عمر .. كان من كبار العارفين ، له مناقب جليلة وسيرة حسنة جميلة ، توفي بمكة سنة (١٢٣٧ ه) ، وله بها مقام كبير ، وذرية كثيرة ، له ذكر في «عقد اليواقيت» ، وله مؤلفات عظيمة ، تنظر ترجمته منه.
(٣) المؤرخ والكاتب والأديب ، ولد بتريم سنة (١٢٨٧ ه) ، وتوفي بجاكرتا سنة (١٣٤٩ ه) ، كان من قدماء مؤسسي الرابطة العلوية ، له رسائل تاريخية ومقالات نشرت في الصحف الإندونيسية ، ينظر : «الرابطة» عدد (جمادى الأولى ـ رجب) ، وفيها معلومات كثيرة عن المذكور ، «الأعلام» (٦ / ١٩٩) نقلا عن مقال لعبد الله السقاف بجريدة «المقطّم» ، «الجامع» لبامطرف.