الحضرميين لغرض الانتقام والتّشفّي منه ومن أمثال السّادة الأجلّاء الكرام محمّد بن أحمد المحضار ، ومحمّد بن عيدروس بن محمّد الحبشيّ ، وعبد الله بن محسن العطّاس وأمثالهم.
ثمّ انقلبوا بشدّة وحرد (١) لنقض تلك المبادىء ، فأشعلوا نار الفرقة والاختلاف والعداوة بين الحضارم ـ حسبما هو مفصّل ب «الأصل» ـ وكاد أولئك الرّهط يستميلوني إليه واشتدّ حرصه على أن ينفرج الأمر بيني وبين سيّدي الوالد عثمان ، وكدت أقع في حبالتهم لا سيّما وقد زوّدني أهل فلمبان بشيء من ثمار نيّاتهم ومبادئهم الّتي كان يبثّها فيهم أحد أحفاد السّيّد عثمان ضدّ جدّه ، ولكن عزم الله لي بالثّبات ، لا سيّما بعد أن دعاني إلى بيته وأهداني مجموعة مؤلّفاته القيّمة معنى وإن لم تبلغ الإجادة مبنى ، ورأيته بخلاف ما ذكروا لي عنه ، فأكبرت صنيعه ، وأحمدت أثره ، واعترفت بفضله ، ورأيت من سلوكه في طريق الحقّ ومجاهدته فيه ما يملأ صدري وصدر كلّ منصف باحترامه وإجلاله ، وهو ملتزم بالسّنّة والفقه ، ولقد جاء ذكر الكرامات بين يديه فأنكر مجازفة المغرورين فيها إنكارا شديدا ، وقال : لقد كنت مختصّا بخالي وسيّدي عبد الله بن حسين بن طاهر وهو ممّن لا تدفع ولايته ، وجالسته زمانا طويلا .. فلم أر منه إلّا كرامتين ، ليس فيها خرق عادة ، وإنّما :
أولاهما : أنّه خرج يصلّي العصر وعليه رداء فتنني ، وتمنّيت أن لو كان لي مثله ، ومرّت صلاتي وأنا أفكّر فيه ، وما كان ينفتل من صلاته حتّى دعاني وقال لي : هذا الرّداء لك ، وأعطاني مفتاحه الخاصّ لآتيه برداء آخر ـ وصفه لي ـ ولو لا أنّه تفرّس ما في خاطري .. ما خالف عادته من عدم الكلام إلّا بعد فراغه من ورده.
والأخرى : أنّ السّيّدين محمّدا وعمر ابني السّيّد عبد الله بن عمر بن يحيى عزما على الانتقال سرّا من المسيله ، وتكتّما بالأمر حتّى لا يشعر فينهاهما ، وأرادا أن لا يعلم إلّا بعد الأمر الواقع ، فلمّا صلّينا العشاء وفرغ من ورده ونافلته .. قال لي : ادعهم لي ، فدعوتهما ، فقال لهما : إذا عزمتما على أمر فشاوراني ؛ فعندي ما ليس
__________________
(١) الحرد : الغضب.