والتحم القتال ، وقتل أحد العوامر وثلاثة من أصحاب الدّولة ، وما زالوا في الحرب حتّى وصل المنصب السّيّد عبد القادر بن سالم العيدروس من بور بطبوله وخيوله وراياته فحجز بينهم ، وأخرجهم منها صلحا لا عنوة من الغرف بعد ما غسلوا العار ، واستجهروا الأبصار ، وسوّيت القضيّة على ما يحبّه الشّيخ صالح.
وأخبرني الأخ عقيل بن عثمان المذكور بأنّ أهل الغرف خرجوا في نزهة ، ولمّا تهيّأ غداؤهم ـ وكان شربة ـ جاء بعض أعدائهم فطردهم عن موضع الفسحة ، فهربوا وتركوا غداءهم ، ولهذا كان النّاس يعيّرونهم فصاروا يغضبون من ذكر الشّربة كما يغضب آل شبام من وزن الهرّ.
وللأخ عقيل منظومة جميلة في ألقاب البلاد الحضرميّة.
وكان الوالد أحمد بن عمر بن يحيى يصنع بالمسيله عشاء من الشّربة للمساكين في كل ليلة من رمضان ، فغضب آل الغرف وحقدوها عليه! فكانت شبيهة بقصّته مع الشّيخ سالم باسويدان السّابقة في شبام.
وأخبرني الأخ عقيل بن عثمان المذكور أنّ أكثر أهل الغرف مات بحسرة على عدم التّوفيق في قنص الوعول ؛ إذ كان الغالب عليهم الإخفاق والخيبة كلّما صعدوا الجبال ، حتّى إنّهم لمّا عزموا على صعود الجبال مرّة لذلك ، ففيما يستعدّون ويعملون الأسمار والأشعار .. استقدموا شاعرا ليستعينوا به في أفراحهم ، فكان أوّل ما أنشأه لهم قوله :
قال بدّاع القوافي : بارق الجودات رفّ |
|
من خلقنا ما سمعنا زفّ عند اهل الغرف |
فطردوه وكادوا يسطون به!!
وقد اعتنت بها الحكومة الإنكليزيّة في السّنوات الأخيرة ، واحتلّتها واتّخذتها مقرّا لإدارتها العامّة ، ولكن بدون استئذان ـ حسبما يقول لي السّلطان عبد الله بن محسن ـ منهم ، وهم ملّاكها ، ثمّ نقلت إدارتها منها إلى سيئون.