توضّأ واستاك وأخذ يكرّر الجلالة حتّى فارق الحياة ، وكانت وفاته قبل وفاة أبيه.
ومنهم : أخوه صاحب النّوادر اللّطيفة ، والنّكات العجيبة ، عقيل بن عثمان (١) بن عبد الله بن يحيى ، كان شاعرا أديبا ، له يد في التّاريخ حتّى لقد هنّأني على الرّويّة يوم اقترنت بأمّ حسن وأشقّائه بقصيدة طولى ، كلّ شطر منها تاريخ ، أخذ عن والده ، وعن سيّدي الأستاذ الأبرّ ، وعن والدي ، وله فيه مدائح.
ولغزير الإحسان الوالد أحمد بن عمر بن يحيى فضل عليه ، ولقد حضرت عنده أنا وهو ـ أعني الوالد أحمد ـ قبيل موته بيوم ، فقال لي : مرّ عليّ مثل هذا اليوم العام الماضي وأنا أشقى أهل المسيله حالا ، ثمّ إنّني اليوم ـ بفضله ـ أسعدهم ، يبتدرون إشارتي إذا أشرت ، ويتسابقون في مرضاتي إذا أمرت ، وكانوا لا يردّون عليّ السّلام قبل.
ثمّ قلت له ، أو قال لي : ما أراني إلّا متوفّى في مرضي هذا ، فماذا تفعل؟ فقلت : أرثيك بقصيدة أستهلّها بقولي [من الطويل] :
مصاب أصاب النّاس وهو جليل |
|
غداة أتى النّاعي فقال عقيل |
فقال : يكفيني منك هذا ، وإنّه لكثير. توفّي بالمسيله سنة (١٣٤٦ ه).
وفي حدود سنة (١٢٩٨ ه) كان أحد عبيد الشّيخ صالح بن عائض بن جخير يخفر السّيّد محمّد بن عبد الرّحمن الكاف بتريم ، فاستاء السّلطان الكثيريّ من جرأة الشّيخ صالح وجواره عليه في بلاده ، فانتهك السّلطان الكثيريّ حرمته وطرد عبده ـ والعار مضّاض ـ عند الشّيخ صالح بن عائض ، فلم يكن منه إلّا أن اقتحم الغرف واحتلّها في أسرع وقت ، وطرد عبيد السّلطان منها وجاءت نجدات الدّولة من تريم وسيئون ،
__________________
(١) ولد السيد عقيل بالمسيلة سنة (١٢٩٠ ه) ، وتربى في كنف والدته وأخيه محمد ، وتعلم على يد السيد عمر بن عبد الله بن عمر بن يحيى ، ثم طلبه والده إلى جاوة ، فسافر سنة (١٣١١ ه) ، كان ذكيا شديد الذكاء ، اشتغل بالتجارة مع والده ، وكان ينظم الشعر. عاد إلى حضرموت سنة (١٣٢٩ ه) ، وأصيب بالعمى ، وظل بها إلى أن توفي.
«تاريخ الشعراء» (٥ / ١٤٧ ـ ١٥٩).