[٤٥٥] وابن ماجه [٧٥٨] بسند صحيح من حديث عائشة : أمر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ببناء المساجد في الدّور ، وأن تطيّب وتنظّف ، وأمر عمر أهل الأمصار ببناء مساجدهم ، وأمرهم أن لا يبنوا مسجدين يضارّ أحدهما الآخر ، رواه البغوي.
والأصل في الأمر : الوجوب ، ورجّح ابن حجر الهيتميّ ـ كما في «المرعى الأخضر» ـ النّدب.
ومهما كان الأمر .. فالمؤكّد أنّ جامع تريم كان مبنيّا من الصّدر الأوّل ، وإنّما جدّد أو وسّع ـ كجامع شبام ـ في سنة (٢١٥ ه) ، ثمّ تكرّرت عليه العمارة والتّرميم ، ومتى أغفل الشّلّيّ العمارات السّابقة عن سنة (٥٨١ ه) .. فأولى أن يغفل العمارة القديمة (١).
أمّا العلويّون : فقد تفرّسنا في غير موضع من هذا ومن «الأصل» أنّ امتناعهم عن سكنى مدينتي حضرموت لم يكن في البدء إلّا لأجل التّنافس المذهبيّ ، ورأيت في غير موضع من مجموع كلام الحبيب عمر بن حسن الحدّاد ما يصرّح بوجود أصل التّنافس.
ثمّ إنّ المؤرّخين يكثرون من علم المهاجر ومن بعده إلى عليّ بن علويّ خالع قسم ، ويذهبون به إلى غايات بعيدة ، وللشّكّ في مثل ذلك منافذ كثيرة أشرنا إلى شيء منها في المبحث الثّالث من الحسيّسة ، لا سيّما وقد جاء في الحكاية التّاسعة من «الجوهر» [١ / ٦٣ (خ)] للشّيخ عبد الرّحمن الخطيب (٢) ـ وهو غرّيد مديح العلويّين وصنّاجة ثنائهم ـ : (أنّ الشّيخ الإمام سالم بن فضل كان من كبار الزّاهدين الورعين العاملين ، وكأنّ العلم أراد أن يندرس في حضرموت فأحياه ؛ وذلك أنّه سافر في طلبه ومكث أربعين سنة في العراق وغيره يطلب العلم ، وأهله يظنّون أنّه قد مات ، ثمّ عاد ومعه أحمال من كتب العلم ، حديثا وفقها وغيرها ، ثمّ درّس في بلده ، وأقبل عليه
__________________
(١) وقد وسّع جامع تريم مؤخرا توسعة كبيرة في عام (١٣٩٢ ه) ، وللشيخ علي بن سالم بكيّر رسالة ألفها بهذه المناسبة سمّاها : «الجامع في تاريخ الجامع» ، طبعت.
(٢) توفي الشيخ عبد الرحمن بن محمد الخطيب سنة (٨٥٥ ه) بتريم ، كما في «شنبل» ، و «تاريخ الشعراء» (١ / ٧٧) ، و «الحامد» (١ / ٣٠٠).