ومهما يكن من الأمر .. فليسع ابن أبي الحبّ ما وسعهم من ذلك ، على أيّ تقدير كان.
وفي «سفينة الأرباح» : أنّ ابن أبي الحبّ هو ناظم القوافي الّتي أوّلها :
تبارك ذو العلا والكبرياء |
|
تفرّد بالجلال وبالبقاء |
وكأنّي بمن يطّلع على هذا من الأغبياء فيتوهّم الغضّ من فضلهم به ، وليس كذلك ، وإنّما واجبي إنصاف التّاريخ وتمحيص الحقائق ما وجدت إليه سبيلا من اتّخاذي منه أكبر حجّة للمجد والشّرف ، وقد كان جدّهم عليّ بن أبي طالب ـ كرّم الله وجهه وهو خير منهم ـ مبغوضا بين النّاس ، لا يوجد بمكّة والمدينة عشرون رجلا يحبّه ، وأصل ذلك في الصّحيح ؛ إذ جاء فيه أنّه كان له وجه من النّاس أيّام فاطمة ، ومفهومه الواقع في محلّ النّطق أنّهم تنكّروا له بعقب وفاتها.
وقد قال معن بن زائدة [من الطّويل] :
إنّي حسدت فزاد الله في حسدي |
|
لا عاش من عاش يوما غير محسود |
وقال ناصح الدّين الأرّجانيّ [من الطّويل] :
وظلّ نساء الحيّ يحسدن وجهها |
|
ولا خير في نعمى بغير حسود |
وقال حبيب [في «ديوانه» ٢ / ١٠٣ من الكامل] :
تلكم قريش لم تكن أحلامها |
|
تهفو ولا آراؤها تتقسّم |
حتّى إذا بعث النّبيّ محمّد |
|
منهم غدت أحقادهم تتضرّم |
وقال غيره [من البسيط] :
محسّدون وشرّ النّاس منزلة |
|
من عاش يوما سليما غير محسود |
وفي شرح قول المتنبّي [في «العكبريّ» ١ / ٣١٩ من الخفيف] :
ما مقامي بأرض نخلة إلّا |
|
كمقام المسيح بين اليهود |
من كتابي «العود الهنديّ» [٢ / ٣١٥ ـ ٣٢٤] إطناب في الموضوع ، وكلام ممتع يأتي