وحضر جماعة من أهل العلم والأدب ، وعندما انبسطنا وشرعنا في المحاورات والنّكات .. لم يرعنا إلّا دخول قاضي تريم لذلك العهد السّيّد علويّ بن عبد الله الجفريّ بهيئة غير عاديّة ، وما كاد يضمّ ثيابه للجلوس .. حتّى قال : (يا عمّ عبد الرّحمن .. نطلب منك أن توضح لنا الصّواب في المسألة الّتي اختلفتم فيها أنتم والأخ أحمد الشّاطريّ) فدار بي الفضاء ، وأظلم عليّ المنزل ؛ لأنّي وقعت بين أمرين : إمّا التّعرّض لمشقّة صاحب المنزل ، وهو عليّ عزيز. وإمّا توهّم الحاضرين الانقطاع ، وهو أمنية الحسّاد ، وأكثرهم من العلويّين.
فلم يكن بدّ من شرح الصّواب مع بسط العذر للسّيّد أحمد بعبارة الأشخر الّتي نقلها عن «الرّوضة» بما يمنعه كلام «الرّوض» و «شرحه» ، وهو لا يزيد على حسن الإصغاء ، إمّا عن إكرام لي ، وإمّا عن اقتناع بما قرّرته.
ولمّا شكوت صنيع القاضي إلى حضرة المكرّم الأخ أبي بكر بن شيخ الكاف .. قال : أنا أمرته ؛ لنذكي نار الحرب بينكم ونقف مع النّظّارة. فقلت له : حسبك الله ، لقد نغّصت علينا المجلس.
ثمّ اطّلعت بعد ذلك على عبارات بعضها يؤيّد ما قلته ؛ منها : قول ابن حجر في (الرّهن) من «حاشية الفتح» : (وإذا لزم الرّهن .. امتنع على الرّاهن بلزومه بيع وهبة) اه (١)
وظاهره : أنّ عقدها يقع باطلا وإن لم يتّصل به قبض وإن لم تفوّت التّوثيق ؛ لأنّ التّلفّظ بالهبة سبب للقبض الممتنع اتّفاقا ، فليكن هو ممتنع أيضا.
ومنها قوله في «الفتاوى الكبرى» : (أن وقت الإلزام والالتزام .. هو وقت التلفظ بالنذر). ومنه قوله في «التحفة» : (أن لزوم النذر يوم النذر).
ومنها قوله فيها [٨ / ١٤٥] قبيل (الرّجعة) : (لأنّ العبرة بوقت التّعليق لا بوقت وجود الصّفة على المعتمد) اه
ومنها أن العلامة السيد عبد الرحمن بن محمد العيدروس من رسالة له ما نصه :
__________________
(١) «فتح الجواد» (١ / ٤٥٤ ـ ٤٥٥).