وفي تريم أودية وشعاب مشرقة بالأنوار ؛ لأنّها كانت متهجّد عباد الله الأخيار ، حتّى إنّ من أهل تريم من وقذته العبادة إلى حدّ أنّ صبيانهم يسألون أمّهاتهم عنهم ، فيقلن لهم : أخذتهم الجبال باللّيل للتّهجّد ، والمساجد بالنّهار للاعتكاف والعلم والعبادة ؛ منهم ـ كما في (ص ١٧٥) من «شرح العينيّة» ، والحكاية (١٧٤) من «الجوهر» ـ : السّيّد عليّ بن علويّ بن الفقيه المقدّم ، المتوفّى سنة (٦٧٥ ه) ، فبه يتأكّد قول المغربيّ : إنّهم بالملائكة أشبه.
من تلك الأودية : النّعير (١) ـ كزبير ـ السّابق ذكره في ثناء السّيّد حسن بن شهاب على وحيد حضرموت السّيّد أبي بكر بن شهاب.
ومنها : خيله (٢) ، وسبب تسميته بذلك ـ كما سمعت من أفواه المعمّرين ـ : أنّها لمّا ظهرت نواصي خيل الصّحابة .. قالت امرأة : خيله. قالت الأخرى : خيلتين. وقالت الثّالثة : أربع مئة ما يعتدّين. وأهل تريم إلى اليوم يغضبون من هذا الكلام ، والغوغاء تعيّرهم به.
وما فيه من عار ، ولكن يأتي فيه ما تمثّل به ابن الزّبير لمّا عيّر بأنّه ابن ذات النّطاق وهو :
وعيّرني الواشون أنّي أحبّها |
|
وتلك شكاة ظاهر عنك عارها |
وتمثّل بعجزه الإمام الغالب أيضا في إحدى رسائله.
وفي حدود سنة (١٣٣٢ ه) ألّفت في تريم (جمعيّة الحقّ) ، وطلبت من
__________________
(١) يقع شعب النعير إلى الجهة النجدية من شعب خيله ، ويميّز من قبل البعض إلى شعبين ، فيقال : شعب النعير الصغير والكبير. تعبّد فيه كثير من الصالحين ؛ منهم : الشيخ الكبير عبد الرحمن السقاف ، والشيخ عبد الله العيدروس ، وابنه العدني ، والشيخ عبد الرحمن بن علي .. وغيرهم من السادة والمشايخ. ويمر ماء هذا الشعب من حافة النويدرة إلى ساقية حامد إلى نخر الحاوي إلى مسيلة عدم.
«بغية من تمنى» (ص ٢٦).
(٢) شعب خيله : شعب مبارك ، وكان سيدنا الأستاذ الأعظم الفقيه المقدم ، وحفيده الإمام عبد الله باعلوي ممن يتعبد فيه. ينفذ ماؤه ما بين البيوت ويمر تحت مسجد الشيخ علي إلى ساقية حامد إلى نخر الحاوي إلى مسيلة عدم. «بغية من تمنى» (٢٥ ـ ٢٦).