وقع ، ولا يقتضي حاجاته من حملة السّلاح إلّا بالسّيف ، وقد قال المتنبّي [في «العكبريّ» ٤ / ١٦٠ من البسيط] :
من اقتضى بسوى الهنديّ حاجته |
|
أجاب كلّ سؤال عن هل بلم (١) |
وكان ينكر بطبعه غلوّ القبوريّين فوافقته آراء الوهّابيّة ، وأكثر التّعلّق بوحيد عصره ، وفريد دهره ، مقدّم الجماعة ، وشيخ الصّناعة ، الّذي انتهت إليه رياسة العلم بتريم ، العلّامة الجليل السّيّد أبي بكر بن عبد الله الهندوان (٢) ، المتوفّى بتريم سنة (١٢٤٨ ه) ، وقد اتّهمه العلويّون بأنّه هو الّذي يعلّم عبد الله عوض غرامة آراء الوهّابيّة ، ويحثّه على الإلزام بها ومؤاخذة النّاس بمقتضاها ، فتآمروا على قتله ، فهرب إلى بيت جبير ، ولم يقدر عبد الله غرامة على حمايته بتريم ؛ لأنّه لا يملكها كلّها.
وفي أيّامه كان وصول الوهّابيّة إلى تريم سنة (١٢٢٤ ه) ، بقيادة الأمير عليّ بن قملا ، فطوى بهم حضرموت ، ولم يفسد حرثا ولا أهلك نسلا ، وإنّما هدم القباب ، وسوّى القبور المشرفة ، وألقى القبض على المناصب آل عينات وآل تاربه وأهانهم ، وأتلف قليلا من الكتب كثّره بعض العلويّين ـ كصاحبنا الفاضل السّيّد عليّ بن عبد الرّحمن بن سهل ـ بدون مبرّر من الدّليل (٣) ، وأقاموا بتريم نحوا من أربعين يوما ، وعاهده عبد الله عوض غرامة وعبد الله بن أحمد بن يمانيّ على أن يكفّ الأذى عن بلاديهما على شرط أن يقوما بنشر دعوته الّتي لاقت هوى من نفوسهم ، وقبولا من خواطرهم.
ووجدت أيضا معاهدة بتاريخ سنة (١٢٢٢ ه) بين عليّ بن صالح بن ثابت ،
__________________
(١) المعنى ـ كما في «العكبريّ» ـ : من طلب حاجته بغير السّيف .. أجاب سائله عن قوله : هل أدركت حاجتك؟ بقوله : لم أدرك.
(٢) هو حفيد العلامة أحمد بن عمر الهندوان ، المتوفى سنة (١١٢٢ ه) ، أحد أقران الإمام الحداد ومن تربطهم به صحبة ومحبة.
(٣) ومثله جاء في بعض أعداد مجلة «الرابطة».