طاهر ، إمّا مصادفة ، وإمّا طمعوا فيهم لمّا رأوهم انقلبوا بدون طائل ، ومعهم العلّامة السّيّد سالم بن أبي بكر عيديد ، فانهزم السّادة بمجرّد ما سمعوا إطلاق الرّصاص ، مع أنّ جند غرامة لم يتعمّدوا إصابتهم ، وإنّما أرادوا كفّهم وتخويفهم ، فانهزموا هزيمة فاحشة ، حتّى لقد سقط إزار أحدهم فهرب عريانا! فقالت إحدى شواعر تريم :
إذا اقبلوا يافع المثقلين |
|
تقعون ساده حتّى حزمكم تلين |
أخبرني بهذا الثّقة الثّبت السّيّد أحمد بن عمر بن عوض الشّاطريّ ، عن جدّه لأمّه شيخنا ابن شهاب. ولم يتبعهم جند عبد الله عوض ، غير أنّ رصاصة أصابت السّيّد سالم عيديد (١) فسقط ميّتا مع البارود ، وفي اليوم الثّاني أرسل إليهم الأمير عبد الله عوض بتعزية يقول فيها : (إنّنا لا نريد ذلك ولا نحبّه ، وإنّما كان قتله على غير اختيار منّا ، لكنّ شؤم أعمالكم ، والتفاتكم إلى غير الله ، وعبادتكم للأموات والقبور .. هو الّذي جرّ عليكم المصائب ، وسيجرّ عليكم ما هو أعظم) اه
ويقال : إنّ هذه المكاتبة كانت من إنشاء إمام تريم لذلك العهد ـ المتقدّم ذكره ـ السّيّد أبي بكر بن عبد الله الهندوان ، والله أعلم.
وحصلت من عبد الله عوض غرامة مساعدات ماليّة للأمير عليّ بن قملا كلّف بها الرّعايا ، حتّى لقد رأيت وثيقة فيها أنّ نوّاب وقف المحضار باعوا بئرين له ببيت جبير بثلاث مئة وعشرين ريالا على سبيل العهدة ، في دفع ضرر ابن قملا وعبد الله عوض عن مال المحضار ، وعليها إمضاء القاضي حسين بن علويّ مديحج (٢) ، وتاريخها سنة (١٢٦٣ ه) ، ولعلّه كان غلطا ؛ إذ تاريخ وصول ابن قملا إلى تريم إنّما كان سنة (١٢٢٤ ه) ، أو سنة (١٢٢٦ ه) على اختلاف القول في ذلك ، وأمّا سنة (١٢٦٣ ه) .. فبعد وفاة عبد الله غرامة بمدّة ، ما لم يكونوا استدانوا ذلك القدر ثمّ لم تسنح الفرصة للتّعهّد إلّا بعد ، وفيه فائدتان :
__________________
(١) كان موته صريعا في محرم (١٢٢٩ ه) ، وقد كان عالما عاملا ذكيا نبيها وليا صالحا.
(٢) هو السيد حسين بن علوي بن عبد الله بن سالم عقيل مديحج ، كان سيدا فاضلا فقيها ، تولى القضاء بتريم ، توفي بها في صفر (١٢٦٨ ه).