الأولى : التّوسّع ببيع الموقوف ، إلّا أنّه قد يجاب بأنّ الأصل في أموال المساجد الملك.
والثّانية : بيعه عهدة والأغلب أنّها إنّما تكون بدون ثمن المثل ، وهو ممتنع في مال المسجد ، وقد صرّحوا بامتناع بيع مال المحجور عهدة مطلقا ، والمسجد مثله ففي هذا الصنيع فسحة وتسامح.
ولعبد الله عوض أخبار عجيبة ذكرنا منها نتفا ب «الأصل» ؛ ومنها : أنّ بعض أعيان السّادة ركب إلى زيارة نبيّ الله هود عليه السّلام ، وبينا هو خارج من تريم وأمامه خشارة (١) من الحاكة ومن لفّهم يرتجزون بمثل قولهم : يا شيخنا يا محضار .. إذ غضب غرامة واستلّ سيفه ليغمده بطلى زعيم الحاكة وانتصب لمساورته بعض السّادة آل ابن إبراهيم ، لو لا أنّ شيخ مشايخنا ـ وهو الحبيب عبد الله بن حسين بلفقيه ـ تدارك الأمر وقال لهم : (قولوا : سبحان من لا يفنى ولا يزول ملكه) ، فارتجزوا بها ، فسرّ عبد الله غرامة وقال : (أستغفر الله) وهي كلمته الّتي يوشّح بها كلامه ، ولا يزال الأكرة يتغنّون بها إلى اليوم.
وبه ذكرت قول العلّامة ابن حجر : (فائدة : أحدث المؤذّنون الصّلاة والسّلام على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عقب الأذان للفرائض ، ما عدا الصّبح والجمعة ؛ فإنّهم يقدّمون ذلك فيهما على الأذان ، وإلّا المغرب ، لضيق وقتها ، وسببه : أنّ الحاكم (٢) لمّا قتل .. أمرت أخته المؤذّنين أن يقولوا في حقّ ولده : السّلام على الإمام الطّاهر ، ثمّ استمرّ السّلام بعده على الخلفاء حتّى أبطله صلاح الدّين ، وجعل محلّه الصّلاة والسّلام عليه صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فجزاه الله خيرا ، ونعمّا
__________________
(١) الخشارة : الرّديء من كلّ شيء ، والمقصود هنا غوغاء النّاس.
(٢) هو السلطان العبيدي الحاكم بأمر نفسه ، فرعون زمانه ، الذي جعل الناس يسجدون له ويسبحون بحمده من دون الله .. مات لعنه الله سنة (٤١١ ه) ، واسمه منصور بن نزار. ينظر : «الأعلام» (٧ / ٣٠٥ ـ ٣٠٦)