يمانيّ ، فلم يكن من ابن يمانيّ إلّا أن أمر بن سحاق بمغادرة قسم في الحال ، فرأى سالم أنّ شرفه مسّ بذلك فحقدها ، حتّى مرّت سيّارة فيها المقدّم وإخوانه يخفرهم أحد آل عبد الشّيخ ، فأطلق سالم الرّصاص عليهم فأردى السّائق وواحدا من آل يمانيّ ، ولكنّه استشعر الخوف من خال أولاده وهو محمّد بن عليّ بن عبد الشّيخ ، فأفرخ روعه (١) ، وطيّب خاطره ، ثمّ لم يشعر سالم بن عبود إلّا والرّصاص ينهال عليه من دار محمّد بن عليّ بدون أن يصيبوه ، ولكنّه لمّا خفّ لأخذ بندقيّته من موضع مكشوف .. أهلكوه ، ثمّ حصروا ولده ، ولكنّه ثبت حتّى قالوا له : إنّ المسألة انتهت ، كان لآل يمانيّ قتيل فثأروا به ، وانجلى به العار أيضا عن ابن عبد الشّيخ الّذي خفرهم ، وما بقي إلّا أن تخرج معنا إلى عينات وننادي في سوقها بانفصال القضيّة وأنّ دماءنا بعد اليوم واحدة.
فقال : لا يطمئنّ قلبي إلّا إن تعهّد لي خال إخواني محمّد بن عليّ بن عبد الشّيخ.
فتعهّد له وأعطاه وجهه ، فاطمأنّ إليه وخرج من داره ، وسار هو وإيّاه وآل عبد الشّيخ وبعض آل يمانيّ ، ولمّا كانوا في أثناء الطّريق .. قال لهم محمّد بن عليّ : دونكم صاحبكم ، فكتّفوه وأطلق عليه أحد آل يمانيّ ـ وهو ابن سالم بن أحمد ـ الرّصاص ، فخرّ صريع الغدر والخيانة ـ فقبّحها الله ـ وكان الأولى إغفال هذه القبيحة ، ولكنّ الغدر يؤلم قلبي ، ويحرق جوفي ، وقد قال أبو الطّيّب المتنبّي [في «العكبريّ» ٤ / ١٥٢ من الوافر]
إذا أتت الإساءة من لئيم |
|
ولم ألم المسيء فمن ألوم؟ |
ولو كان هذا الصّنيع قبيل اليوم بخمسين عاما .. لما طمع محمّد بن عليّ أن يشرب ماء ، أو يجلس مجلسا ، أو يقعد على فراش أحد ، ولو قعد على فراش من لم يعلم ثمّ شعر بعد .. لكان ممّا يوجبه عليه عرفهم أن يحرقه ، فرحمة الله على أهل الوفاء ، ولعنة الله على أهل الخيانة.
__________________
(١) أفرخ روعه : أذهب فزعه.