.................................................................................................
______________________________________________________
إمّا التكليفي كما نسب إلى جمع ، وإمّا الوضعي كما استظهره آخرون. ويتمّ ذلك ببيان أمرين :
الأوّل : أنّ المراد باليد ليس هو الجارحة الخاصة ، بل المراد صاحبها ، تسمية للكل باسم الجزء ، كما شاع تسمية الجاسوس عينا ، والترجمان لسانا ، والمستمع أذنا. وعليه فالمقصود باليد هو المستولي على الشيء.
الثاني : أنّ المراد بالموصل هو الشيء المأخوذ بما أنّه مال عرفا. ولمّا كان المال عينا خارجية كما هو الغالب ، أو ما بحكمها ـ كالمنفعة وبعض الحقوق ـ توقّف إسناد الحكم إليها على تقدير فعل مناسب يتعلّق بالمال ، كتقدير الأكل في حلية الطعام ، والشرب في حرمة الدم والخمر ، ونحوهما ممّا ورد في الكتاب والسّنة.
وفي هذا النبوي يدور الأمر بين إرادة التكليف والوضع. فعلى الأوّل إمّا أن يقدّر وجوب الرد والأداء بأن يكون المدلول : «يجب على ذي اليد أداء ما أخذه إلى مالكه» وإمّا أن يقدّر وجوب الحفظ ، بأن يكون المفاد : «يجب على ذي اليد حفظ ما أخذه إلى أن يؤدّيه إلى مالكه».
وعلى الثاني يكون معنى الجملة : «اليد الآخذة لمال الغير ضامنة له». ورجّح المصنف قدسسره هذا الاحتمال ، بدعوى ظهورها عرفا في الضمان ، من جهة إسناد الظرف إلى المال ، لا إلى سائر الأعيان والأفعال ، للفرق بين أن يقال : «لزيد عليّ دين» حيث لا يستفاد منه إلّا الإقرار بالدين واشتغال العهدة به ، وبين أن يقال : «كتب عليكم الحج أو الصوم» أو «حرّم عليكم الدّم» فإنّ الظرف ـ في المثال الأوّل ـ أسند إلى الفعل وهو الحج والصوم ، ولا يراد به إلّا الوجوب التكليفي ، وفي المثال الثاني أسند التحريم إلى عين خارجية ، وهو ظاهر في النهي عن الشرب والأكل.
والحاصل : أنّ ظهور الجملة في الحكم الوضعي ـ وهو الضمان ـ ممّا لا ينكر. وبه يتم الاستدلال بالنبوي على ضمان المقبوض بالبيع الفاسد.