ووجهه (١) أنّ عمل العامل لم يعد نفعه الى الآخر (٢) ولم يقع بأمره (٣) أيضا ، فاحترام (٤) الأموال ـ التي منها الأعمال ـ لا يقضي بضمان الشخص له ، ووجوب
______________________________________________________
(١) يعني : ووجه حكم الشيخ والمحقق بعدم استحقاق أجرة المثل في المسابقة الفاسدة هو عدم انطباق قاعدة الاستيفاء عليها.
(٢) وهو من يجب عليه بذل السّبق.
(٣) إذ لو وقع عمل العامل بأمر من غيره اقتضى احترامه الضمان حتى إذا لم ينتفع الضامن بذلك العمل ، كما إذا أمره بكنس مسجد ، فإنّ الآمر وإن لم تعد منفعة العمل إليه ، لكنه يغترم بمجرّد صدور العمل عن أمره.
(٤) غرضه أنّ قاعدة الاحترام لا تجري في المسابقة الفاسدة ، كما لا يجري فيها قاعدة اليد والاستيفاء ، فلو قيل بوجوب اجرة المثل فيها كان دليله قاعدة الاقدام لا غير ، مع أنّ المصنّف أسقطها عن الدليلية وأرجعها إلى عدم المانع.
__________________
وليس هذا السّبق بأمر المسبوق ، ولا ممّا يعود نفعه إليه ، ولا أنّه أتلف شيئا من أموال السابق. ومع انتفاء هذه الأمور الموجبة للضمان كيف يحكم في المسابقة الفاسدة بالضمان؟
والحاصل : أنّ المسابقة الفاسدة من القمار المحرّم الذي لا يوجب الضمان.
إلّا أن يقال : إن المراد بعود النفع إلى باذل العوض كون العمل صادرا لغرض عقلائي مخرج له عن المعاملة السفهية ، كما إذا استأجر شخصا لكنس مسجد أو بيت عالم أو نقل متاع مؤمن إلى بيته ، فإنّ النفع إن أريد به المال فلا يعود مال في هذه الموارد الى باذل الأجرة ، مع أنّ المعاملة صحيحة ، فإذا فرض فساد هذه المعاملة كانت مضمونة ، كما إذا صدرت صحيحة. فالمسابقة الفاسدة كالصحيحة تصدر عن غرض عقلائيّ ، وهو التهيّؤ للحرب والوقوف على رموزها ، فتكون كالإجارة لكنس مسجد في كون المسابقة من المعاملات العقلائيّة ، فتندرج في «كلّ ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده».
وعليه فلا ينتقض قاعدة «ما يضمن» بالمسابقة الفاسدة ، فالمسابقة كالإجارة في كون فاسدها كصحيحها موجبة للضمان. فما أفاده العلامة وثاني المحققين قدسسرهما من الضمان في المسابقة الفاسدة هو الجدير بالقبول ، والله العالم.