.................................................................................................
______________________________________________________
وهو الصواب ، فإنّ الدليل في الموضعين واحد ، وكذا الفتوى.
إذا عرفت ذلك فاعلم : أنّه مع ظهور العوض مستحقّا هل يجب مثله إن كان مثليّا ، وإلّا فقيمته .. أم تجب اجرة المثل ، لأنّ العوض المسمّى إذا فات وجب قيمة العوض الآخر ، وهي أجرة مثله كما في سائر المعاوضات؟ وجهان أصحّهما الثاني» (١).
والغرض من نقل كلامه ـ المتضمّن لكلام العلّامة أيضا ـ هو وجوب اجرة المثل في المسابقة الفاسدة سواء أكان فسادها لاختلال شرط الصحة كعدم كون العوض قابلا للتملّك شرعا ، فيبطل به أصل العقد. أم كان فسادها لمغصوبيّة العوض ، لصحة العقد الفضولي وتوقفه على إجازة المالك ، ولو لم يجز انتقل الى مثله أو إلى أجرة المثل على الخلاف (*).
__________________
(*) لكن تنظّر فيه الشهيد الثاني قدسسره بأنّ الفرق بين عقد المسابقة وغيره من العقود التي يضمن بفاسدها ليس من جهة رجوع النفع وعدمه ، بل لأنّ تلك العقود اقتضت الأمر بالعمل ، بخلاف هذا العقد ، فإنّه لم يقتض ذلك ، فإنّ قوله : «سابقتك» على معنى : أنّ من سبق منّا فله كذا. وقاعدة ما يضمن لا دليل عليها كليّة ، بل النزاع واقع في موارد .. إلخ (٢).
والتحقيق عدم الضمان ، لانتفاء موجباته من الاستيلاء على مال الغير ، ومن الاستيفاء ، ومن الأمر بعمل محترم يصدر من المأمور حتى إذا لم يعد نفعه إلى الآمر في المسابقة الفاسدة ، وإن كان صحيحها مضمّنا لإمضاء الشارع لها ، للاهتمام بأمر الجهاد مع الكفّار. ولو لا هذه الجهة كانت المسابقة من أنواع القمار المنهيّ عنه وضعا وتكليفا.
وعليه فالمسابقة الفاسدة مصداق للقمار المحرّم ، فيكون أكل المال بها أكلا له بالباطل ، إذ المفروض عدم تحقق ما يوجب الضمان ، لأنّه لم يوجد فيها إلّا سبق السابق.
__________________
(١) إيضاح الفوائد ، ج ٢ ، ص ٣٦٨ ؛ جامع المقاصد ، ج ٨ ، ص ٣٣٧ و ٣٣٨.
(٢) مسالك الأفهام ، ج ٦ ، ص ١١٠.